للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلْيَتَفَكَّرْ بِأَيِّ مِقْدَارٍ مِنَ الْبَلَّةِ الْمُلْتَصِقَةِ مِنَ الْيَمِّ يَرْجِعُ أُصْبُعُهُ إِلَى صَاحِبِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى بِمَ يَرْجِعُ الْحَالُ وَيَنْتَقِلُ الْمَآلُ؟ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مِنَحَ الدُّنْيَا وَمِحَنَهَا فِي كَسْبِ الْجَاهِ وَالْمَالُ مِنَ الْأُمُورِ الْفَانِيَةِ السَّرِيعَةِ الزَّوَالِ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفْرَحَ وَيَغْتَرَّ بِسَعَتِهَا، وَلَا يَجْزَعَ وَيَشْكُوَ مِنْ ضِيقِهَا، بَلْ يَقُولُ فِي الْحَالَتَيْنِ: «لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ» ! فَإِنَّهُ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً فِي يَوْمِ الْأَحْزَابِ، وَأُخْرَى فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَجَمْعِيَّةُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّ الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الدُّنْيَا سَاعَةٌ فَيَصْرِفُهَا فِي الطَّاعَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وُضِعَ مَوْضِعُ قَوْلِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحْضِرُ تِلْكَ الْحَالَةَ فِي مُشَاهَدَةِ السَّامِعِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِالتَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ هَلْ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَمْ لَا؟ وَهَذَا تَمْثِيلٌ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ وَإِلَّا فَأَيْنَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمُتَنَاهِي وَغَيْرِ الْمُتَنَاهِي؟ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>