للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٥٧ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ قَالَ: " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ! قَالَ: فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٥١٥٧ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِجَدْيٍ) أَيْ: وَلَدِ مَعِزٍ (أَسَكَّ) : بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ: صَغِيرِ الْأُذُنِ أَوْ عَدِيمِهَا أَوْ مَقْطُوعِهَا (مَيِّتٍ قَالَ: " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟) أَيْ: مَثَلًا (فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ) أَيْ: بِشَيْءٍ مَا مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ مِنْ تُرَابٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّا لَا نُحِبُّهُ بِلَا شَيْءٍ أَيْضًا (قَالَ: " فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا) أَيْ: لَجَمِيعُ أَنْوَاعِ لَذَّاتِهَا (أَهْوَنُ) أَيْ: أَسْهَلُ وَأَحْقَرُ وَأَذَلُّ " عَلَى اللَّهِ " أَيْ: عِنْدَهُ تَعَالَى " مِنْ هَذَا " أَيْ: مِنْ هَوَانِ هَذَا الْجَدْيِ " عَلَيْكُمْ ": وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الدُّنْيَا إِنْ كَانَتْ تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى فِيهَا كَافِرًا شَرْبَةَ مَاءٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّزْهِيدُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّرْغِيبُ فِي الْعُقْبَى ; فَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، مَا أَنَّ تَرْكَ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ عِبَادَةٍ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مُحِبَّ الدُّنْيَا وَلَوِ اشْتَغَلَ بِأُمُورِ الدِّينِ تَكُونُ أَعْمَالُهُ مَدْخُولَةً بِأَغْرَاضٍ فَاسِدَةٍ، وَتَارِكَ الدُّنْيَا وَلَوِ اشْتَغَلَ بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ يَكُونُ لَهُ مَطْمَعٌ أُخْرَوِيٌّ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ مِنْ أَرْبَابِ الْيَقِينِ: مَنْ أَحَبِّ الدُّنْيَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هِدَايَتِهِ جَمِيعُ الْمُرْشِدِينَ، وَمَنْ تَرَكَ الدُّنْيَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَلَالَتِهِ جَمِيعُ الْمُفْسِدِينَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>