الدُّنْيَا، وَبِأَنْ يُجْزَى وَيُثَابَ فِي الْآخِرَةِ، وَالْكَافِرُ إِذَا اكْتَسَبَ حَسَنَةً فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَفُكَّ أَسِيرًا أَوْ يُنْقِذَ غَرِيقًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَلَا يُجْزَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ اللَّهَ يُقَابِلُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْفَضْلِ، وَالْكَافِرَ بِالْعَدْلِ، وَلَا يُسْئِلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: ٢٠] (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً يُعْطَى عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَيُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُعْطَى بِهَا خَيْرًا» " اهـ.
وَمُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: " «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجْزَى بِسَيِّئَاتِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمِحْنَةِ وَالْمَشَقَّةِ وَالْبَلَايَا وَالرَّزَايَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَيِّئَةٌ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا» ". وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ أَنَّهُ «لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَمَنْ يَنْجُو مِنْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَحَرُّرُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ " قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " هُوَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ» ". وَقَدْ صَحَّ عَلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ: الْمَصَائِبُ وَالْأَمْرَاضُ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: " «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا» ". وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يُصِيبُ عَبْدٌ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلَّا نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيمًا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute