للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٥٩ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٥١٥٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً» ) : قَالَ شَارِحٌ: أَيْ لَا يُضِيعُ أَجْرَ حَسَنَةِ الْمُؤْمِنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حَاصِلُ الْمَعْنَى، وَأَمَّا بِحَسَبِ التَّرْكِيبِ وَالْمَعْنَى، فَالظَّالِمُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: ٤٤] وَفِي الْقَامُوسِ: ظَلَمَهُ حَقَّهُ أَيْ: مَنَعَهُ إِيَّاهُ، فَالْحَدِيثُ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَتَبْيِينٌ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعَيْ جِنْسِ الْإِنْسَانِ، وَبَيَانُ أَنَّ اللَّهَ يُجَازِي عِبَادَهُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ عَلَى النَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ، وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْعُقْبَى، كَمَا قَالَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠] وَلِذَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ كَانَ لِي حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ لَكَفَتْنِي، بِنَاءً عَلَى الْمُضَاعَفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْمَثُوبَةِ الْعَظِيمَةِ الْمَسْطُورَةِ. (يُعْطَى) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يُعْطَى الْمُؤْمِنُ كُلَّ خَيْرٍ (بِهَا) أَيْ: بِسَبَبِ تِلْكَ الْحَسَنَةِ (فِي الدُّنْيَا) : مِنْ رَفْعِ الْبَلَاءِ وَتَوْسِعَةِ الرِّزْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّعْمَاءِ.

وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ: يُعْطِي اللَّهُ إِيَّاهُ بِتِلْكَ الْحَسَنَةِ أَجْرًا فِي الدُّنْيَا (وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَوِ الْفَاعِلِ طِبْقَ مَا قَبْلَهُ (وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ لَا غَيْرَ أَيْ: يُعْطَى، وَفِي الْعُدُولِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَطْمَحَ نَظَرِ الْكَافِرِ فِي الْعَطَاءِ إِنَّمَا هُوَ بَطْنُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُجْزَى (بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ) أَيْ: مِنْ إِطْعَامِ فَقِيرٍ وَإِحْسَانٍ لِيَتِيمٍ وَإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ وَنَحْوِهَا مِنْ طَاعَاتٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا الْإِسْلَامُ (فِي الدُّنْيَا) : ظَرْفٌ لِيُطْعَمُ (حَتَّى إِذَا أَفْضَى) أَيْ: وَصَلَ (إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ) : بِالتَّأْنِيثِ وَتُذَكَّرُ أَيْ: لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يُوجَدْ (لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا) : فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ: لَا يَظْلِمُ لَا يُنْقِصُ، وَهُوَ مُعَدًّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ أَحَدُهُمَا (مُؤْمِنًا) وَالْآخَرُ (حَسَنَةً) ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا اكْتَسَبَ حَسَنَةً يُكَافِئُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَيَرْغُدَ عَيْشَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>