للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٧٢ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ! تَفْرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسِدَّ فَقْرَكَ، وَإِنْ لَا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَكَ شُغُلًا وَلَمْ أَسِدَّ فَقْرَكَ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٥١٧٢ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ) : خُصَّ بِالنِّدَاءِ لِأَنَّهُ عُمْدَةُ الْعَابِدِينَ، وَأُضِيفَ إِلَى آدَمَ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي مَرْتَبَةِ التَّائِبِينَ (تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي) أَيْ: بَالِغْ فِي فَرَاغِ قَلْبِكَ لِعِبَادَةِ رَبِّكَ (أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى) أَيْ: أَحْسِنْ قَلْبَكَ عُلُومًا وَمَعَارِفَ تُورِثُ الْغِنَى عَنْ غَيْرِ الْمَوْلَى (وَأَسِدَّ فَقْرَكَ) أَيْ: وَأَسِدَّ بَابَ حَاجَتِكَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَجْزُومِ مِنْ جَوَابِ الْأَمْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّهَا لِمُتَابَعَةِ عَيْنِهَا، وَقَدْ جُوِّزَ فِي لَمْ يَمُدَّ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَ مَعَ الْإِدْغَامِ (وَإِنْ لَا تَفْعَلُ) أَيْ: مَا أَمَرْتُكَ مِنَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ عَلَى عِبَادَةِ الْمَوْلَى النَّافِعَةِ فِي الدِّينِ وَالْأُخْرَى. (مَلَأْتُ يَدَكَ) أَيْ: جَوَارِحَكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ يَدَيْكَ، وَفِي الْجَامِعِ: يَدَيْكَ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ، وَإِنَّمَا خُصَّتِ الْيَدُ لِمُزَاوَلَةِ أَكْثَرِ الْأَفْعَالِ بِهَا. (شُغْلًا) : بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيَجُوزُ ضَمُّهُمَا وَفَتْحُهُمَا وَفَتْحٌ فَسُكُونٌ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، أَيِ: اشْتِغَالًا مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ. (وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ) أَيْ: لَا مِنْ شُغْلِكَ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّكَ تُتْعِبُ نَفْسَكَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ فِي طَلَبِ الْمَالِ، وَلَا تَنَالُ إِلَّا مَا قَدَّرْتُ لَكَ مِنَ الْمَالِ فِي الْآزَالِ وَتُحْرَمُ عَنْ غِنَى الْقَلْبِ لِتَرْكِ عِبَادَةِ الرَّبِّ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ) : وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ، وَفِي التَّصْحِيحِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، وَاسْمُهُ هُرَيْرَةُ، وَيُقَالُ هَرَمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: فِي حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ لِينٌ، وَقَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِاخْتِصَارٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَدَيْكَ شُغْلًا، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ.

قَالَ مِيرَكُ: وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَقُولُ رَبُّكُمْ: يَا ابْنَ آدَمَ! تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ قَلْبَكَ غِنًى وَأَمْلَأْ يَدَيْكَ رِزْقًا. يَا ابْنَ آدَمَ! لَا تُبَاعِدْ عَنِّي أَمْلَأْ قَلْبَكَ فَقْرًا وَأَمْلَأْ يَدَيْكَ شُغْلًا» ". رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " «خُيِّرَ سُلَيْمَانُ بَيْنَ الْمَالِ وَالْمُلْكِ وَالْعِلْمِ، فَاخْتَارَ الْعِلْمَ، فَأُعْطِيَ الْمُلْكَ وَالْمَالَ لِاخْتِيَارِهِ الْعِلْمَ» ". وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا: " «مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاهُ كُلَّ مُؤْنَةٍ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا» ". وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: " «آلَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>