للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٧٣ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ، وَذُكِرَ آخَرُ بِرِعَّةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَعْدِلْ بِالرِّعَّةِ) . (يَعْنِي الْوَرَعَ» ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٥١٧٣ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِبَادَةٍ وَاجْتِهَادٍ» ) أَيْ: فِي طَاعَةٍ مَعَ قِلَّةِ وَرَعٍ عَنْ مَعْصِيَةٍ، وَالتَّنْوِينُ فِيهِمَا لِلتَّعْظِيمِ أَوْ لِلتَّنْكِيرِ (وَذُكِرَ أَيْ: عِنْدَهُ (آخَرُ بِرِعَّةٍ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى وَزْنِ عِدَّةٍ أَيْ: بِوَرَعٍ عَنْ حَرَامٍ مَعَ قِلَّةِ عِبَادَةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانَ الْأَفْضَلِ مِنْهُمَا. (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَعْدِلْ) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ مَجْزُومًا وَقِيلَ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ مَرْفُوعًا أَيْ: لَا تَزْنِ وَلَا تُقَابِلِ الْعِبَادَةَ (بِالرِّعَّةِ " يَعْنِي الْوَرَعَ) : تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي، وَالْمُرَادُ بِالْوَرَعِ التَّقْوَى عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى امْتِثَالِ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْعِبَادَاتِ. قَالَ الْمُظْهِرُ: لَا تَعْدِلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَهْيُ الْمُخَاطَبِ الْمُذَكَّرِ مَجْزُومَ اللَّامِ، يَعْنِي لَا تُقَابِلْ شَيْئًا بِالرِّعَّةِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ الْوَرَعُ، فَإِنَّ الْوَرَعَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ خَصْلَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا مَنْفِيًّا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: لَا تُقَابِلْ خَصْلَةً بِالْوَرَعِ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْخِصَالِ. قَالَ الرَّاغِبُ: الْوَرَعُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّسَرُّعِ إِلَى تَنَاوُلِ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: وَاجِبٌ وَهُوَ الْإِحْجَامُ عَنِ الْمَحَارِمِ وَذَلِكَ لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَنَدْبٌ وَهُوَ الْوُقُوفُ عَنِ الشُّبَهَاتِ وَذَلِكَ لِلْأَوْسَاطِ، وَفَضِيلَةٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ الضَّرُورَاتِ، وَذَلِكَ لِلنَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ أُلْحِقَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا تَعْدِلْ بِالرِّعَّةِ قَوْلُهُ شَيْئًا، وَلَيْسَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَأَكْثَرِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ مِنْهُ أَثَرٌ. قُلْتُ: وَفِي الْجَامِعِ ضُبِطَ لَا يُعْدَلُ بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ الْمَجْهُولِ، عَلَى أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا، حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ مُطْلَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>