وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ: شَيْخٌ مُفْنِدٌ يَعْنِي مَنْسُوبٌ إِلَى الْفَنَدِ، وَلَا يُقَالُ امْرَأَةٌ مُفْنِدَةٌ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي شَبِيبَتِهَا ذَاتَ رَأْيٍ فَتُفَنَّدَ فِي كِبَرِيِّتِهَا. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوْلُهُ: مُفْنِدٌ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالتَّخْفِيفِ، وَمَنْ شَدَّدَهُ فَلَيْسَ بِمُصِيبٍ. (" أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ") بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: قَاتِلًا بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَوْبَةٍ وَوَصِيَّةٍ فَفِي النِّهَايَةِ الْمُجْهِزُ هُوَ السَّرِيعُ، يُقَالُ: أَجْهَزَ عَلَى الْجَرِيحِ إِذَا أَسْرَعَ قَتْلَهُ. قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَوْتُ الْمُجْهِزُ الْمُسْرِعُ يُرِيدُ بِهِ الْفُجَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ كَقَتْلٍ وَغَرَقٍ وَهَدْمٍ. (أَوِ الدَّجَّالَ، فَالدَّجَّالُ ") : وَفِي نُسْخَةٍ: وَالدَّجَّالُ (" شَرٌّ غَالِبٌ يُنْتَظَرُ ") أَيْ: أَسْوَأُهُ (" أَوِ السَّاعَةَ ") أَيِ: الْقِيَامَةُ (وَالسَّاعَةُ أَدْهَى ") أَيْ: أَشَدُّ الدَّوَاهِي وَأَفْظَعُهَا وَأَصْعَبُهَا (" وَأَمَرُّ ") أَيْ: أَكْثَرُ مَرَارَةً مِنْ جَمِيعِ مَا يُكَابِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّدَائِدِ لِمَنْ غَفَلَ عَنْ أَمْرِهَا، وَلَمْ يُعِدَّ لَهَا قَبْلَ حُلُولِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَالدَّجَّالُ تَفْسِيرِيَّةٌ لِأَنَّهُ فَسَّرَ مَا أُبْهِمَ مِمَّا سَبَقَ، وَالْوَاوُ فِي السَّاعَةِ نَائِبَةٌ مَنَابَ الْفَاءِ الْمُلَابِسَةِ لِلْعَطْفِ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَحَاصِلُ مُجْمَلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ اسْتِبْطَاءٌ لِمَنْ تَفَرَّغَ الْأَمْرَ وَهُوَ لَا يَغْتَنِمُ الْفُرْصَةَ فِيهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُ إِحْدَى الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ. فَالسَّعِيدُ مَنِ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ وَاغْتَنَمَ الْمُكْنَةَ وَاشْتَغَلَ بِأَدَاءِ مُفْتَرَضِهِ وَمَسْنُونِهِ قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِهِ، وَهَذِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ وَتَذْكِرَةٌ بَالِغَةٌ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute