للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَكَانَ مِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ أَنْ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ: وَمَا وَالَاهُ لِاحْتِوَائِهِ عَلَى جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ وَالْفَاضِلَاتِ وَمُسْتَحْسَنَاتِ الشَّرْعِ، ثُمَّ بَيَّنَهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: وَالْعِلْمَ تَخْصِيصًا بَعْدَ التَّعْمِيمِ دَلَالَةً عَلَى فَضْلِهِ، فَعَدَلَ إِلَى قَوْلِهِ: وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِمَا صَرِيحًا بِخِلَافِ ذَلِكَ التَّرْكِيبِ، فَإِنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ، وَلِيُؤْذِنَ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ سِوَى الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ هَمَجٌ، وَلِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِالْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، فَيُخْرِجُ مِنْهُ الْجُهَلَاءَ وَالْعَالِمَ الَّذِي لَمْ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ، وَمَنْ تَعَلَّمَ عِلْمَ الْفُضُولِ وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ رَأْسُ كُلِّ عِبَادَةٍ وَرَأْسُ كُلِّ سَعَادَةٍ، بَلْ هُوَ كَالْحَيَاةِ لِلْأَبْدَانِ وَالرُّوحِ لِلْإِنْسَانِ، وَهَلْ لِلْإِنْسَانِ عَنِ الْحَيَاةِ غِنًى، وَهَلْ لَهُ عَنِ الرُّوحِ مَعْدَلٌ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ بِهِ بَقَاءُ الدُّنْيَا وَقِيَامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. رَوَيْنَا عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ» " فَالْحَدِيثُ إِذًا مِنْ بَدَائِعِ الْحِكَمِ، وَجَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي خُصَّ بِهَا هَذَا النَّبِيُّ الْمُكَرَّمُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ دَلَّ بِالْمَنْطُوقِ عَلَى جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَبِالْمَفْهُومِ عَلَى رَذَائِلِهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: وَقَالَ: حَسَنٌ. (وَابْنُ مَاجَهْ) : وَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْجَامِعِ نُسِبَ إِلَيْهِمَا بِدُونِ لَفْظِ إِلَّا وَبِالنَّصْبِ وَلَفْظِ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَهَذَا فِي بَابِ الْهَمْزَةِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الدَّالِ فَقَالَ: " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» " رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَيْضًا: " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَأَيْضًا " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرَ اللَّهِ» " رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ. وَأَيْضًا " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>