للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِقَوْلِهِ: (" فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ ") أَيْ: بِعَرْضِ الِافْتِقَارِ عَلَيْكَ (" وَذَكَرْتُكَ ") أَيْ: بِسَبَبِهِ فَإِنَّ الْفَقْرَ يُورِثُ الذِّكْرَ، كَمَا فِي الْغِنَى يُوجِبُ الْكُفْرَ (" وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ ") أَيْ: بِمَا أَلْهَمَتْنِي مِنْ ثَنَائِكَ (" وَشَكَرْتُكَ ") : عَلَى إِشْبَاعِكَ وَسَائِرِ نَعْمَائِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَمَعَ فِي الْقَرِينَتَيْنِ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، وَهُمَا صِفَتَا الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: ٥] الْكَشَّافُ: صَبَّارٌ عَلَى بَلَائِهِ شَكُورٌ لِنَعْمَائِهِ وَهُمَا صِفَتَا الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ، فَجَعَلَهُمَا كِنَايَةً عَنْهُ، أَقُولُ: وَتَحْقِيقُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ السَّادَةِ الصَّفِيَّةِ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَالْخَصْلَتَيْنِ الْمَسْطُورَتَيْنِ نَاشِئَتَانِ مِنْ تَرْبِيَةِ اللَّهِ لِلسَّالِكِ بَيْنَ صِفَتَيِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، إِذْ بِهِمَا تَتِمُّ مَرْتَبَةُ الْكَمَالِ، وَهُوَ الرِّضَا عَنِ الْمَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ حَالِ الْمُتَحَرِّفِينَ، وَأَفْعَالِ الْمُتَحَيِّرِينَ الْمُذْنِبِينَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: ٥٨] وَقَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: ١١] . (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>