٥١٩١ - وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٥١٩١ - (وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ الصَّحَابَةِ: أَنْصَارِيُّ خَطْمِيٌّ، يُعَدُّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَدِيثُهُ فِيهِمْ، رَوَى عَنِ ابْنِهِ سَلَمَةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُرْسِلُ حَدِيثَهُ اه. وَهُوَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ صَحَابِيًّا، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَحَدِيثُهُ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ اتِّفَاقًا، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ تَابِعِيًّا فَمُرْسَلُهُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِإِطْلَاقِهِمْ حَدِيثَهُ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ ") أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ (" آمِنًا ") أَيْ: غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ أَسْبَابِ عَذَابِهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْعِصْمَةِ عَنِ الْمَنَاهِي، وَلِذَا قِيلَ: لَيْسَ الْعِيدُ لِمَنْ لَبِسَ الْجَدِيدَ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ أَمِنَ الْوَعِيدَ. (" فِي سِرْبِهِ ") : الْمَشْهُورُ كَسْرُ السِّينِ أَيْ: فِي نَفْسِهِ، وَقِيلَ: السِّرْبُ الْجَمَاعَةُ، فَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، وَقِيلَ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ، وَقِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: فِي بَيْتِهِ كَذَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا السَّرْبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَنَّ: فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رِوَايَةً، وَلَوْ سَلِمَ لَهُ قَوْلُهُ أَنْ يُطْلَقَ السِّرْبُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ، كَانَ قَوْلُهُ هَذَا حَرِيًّا بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ، إِلَّا أَنَّ السِّرْبَ يُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَرْضِ. وَفِي الْقَامُوسِ: السِّرْبُ الطَّرِيقُ وَبِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَالْبَالُ وَالْقَلْبُ وَالنَّفْسُ وَبِالتَّحْرِيكِ جُحْرُ الْوَحْشِ وَالْحَقِيرُ تَحْتَ الْأَرْضِ اه. فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَلَوْ فِي بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ كَجُحْرِ الْوَحْشِ، أَوِ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي خَفَائِهِ وَعَدَمِ ضِيَائِهِ. (" مُعَافًى ") : اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَيْ: صَحِيحًا سَالِمًا مِنَ الْعُيُوبِ (" فِي جَسَدِهِ ") أَيْ: بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (" عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ") أَيْ: كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ (" فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْحِيَازَةِ، وَهِيَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ (" لَهُ ") : وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَنْ رَابِطٌ لِلْجُمْلَةِ أَيْ: جُمِعَتْ لَهُ (" الدُّنْيَا ") أَيْ: (" بِحَذَافِيرِهَا ") : كَمَا فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، أَيْ: بِتَمَامِهَا، وَالْحَذَافِيرُ: الْجَوَانِبُ، وَقِيلَ: الْأَعَالِي، وَاحِدُهَا حِذْفَارٌ أَوْ حُذْفُورٌ، وَالْمَعْنَى، فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ: حَذَافِيرِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute