٥٢١١ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ــ
٥٢١١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ» ") : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ الْأَوْلَى مِنَ الدَّارِ الْإِقَامَةُ مَعَ عَيْشٍ هَنِيءٍ، وَدَارُ الدُّنْيَا خَالِيَةٌ عَنْهَا لَا يُسْتَحَقُّ لِذَلِكَ أَنْ تُسَمَّى دَارًا، فَمَنْ دَارُهُ الدُّنْيَا فَلَا دَارَ لَهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٤] وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «
اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ
» ". (" وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ ") : فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمَالِ هُوَ الْإِنْفَاقُ فِي الْمَبَرَّاتِ وَالصَّرْفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرَاتِ، فَمَنْ أَتْلَفَهُ فِي تَحْصِيلِ الشَّهَوَاتِ وَاسْتِيفَاءِ اللَّذَّاتِ، فَحَقِيقٌ بِأَنْ يُقَالَ: لَا مَالَ لَهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥] وَلِذَا قُدِّمَ الظَّرْفُ عَلَى عَامِلِهِ فِي قَوْلِهِ: (" وَلَهَا ") أَيْ: لِلدُّنْيَا (" يَجْمَعُ ") أَيِ: الْمَالَ (" مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ ") أَيْ: عَقْلًا كَامِلًا، أَوْ عَقْلَ الدِّينِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الدَّارِ الْآخِرَةِ لِلتَّزَوُّدِ وَهُوَ الْمَحْمُودُ. قَالَ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧] قُلْتُ: وَمُجْمَلُ الْمَعْنَى أَنَّ الدُّنْيَا لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تُعَدَّ دَارًا إِلَّا لِمَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَلَا مَالًا إِلَّا لِمَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَالْمَقْصُودُ اسْتِحْقَارُهَا وَانْحِطَامُهَا عَنْ أَنْ تُعَدَّ دَارًا أَوْ مَالًا لِمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ لَهُ قَرَارًا وَمَاتَ. قَالَ الرَّاغِبُ: كُلُّ اسْمٍ نَوْعٌ يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: دَلَالَةٌ عَلَى الْمُسَمَّى وَفَصْلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي: لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُخْتَصِّ بِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُمْدَحُ بِهِ، فَكُلُّ شَيْءٍ لَمْ يُوجَدْ كَامِلًا لِمَا خُلِقَ لَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ اسْمَهُ مُطْلَقًا، بَلْ قَدْ يُنْفَى عَنْهُ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ لَيْسَ بِإِسْنَادٍ أَيْ: لَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي خُلِقَ لِأَجْلِهِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) : وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute