٥٢١٢ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ " الْخَمْرُ جِمَاعُ الْإِثْمِ وَالنِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، وَحُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ " قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " أَخِّرُوا النِّسَاءَ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» ". رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٥٢١٢ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ) أَيْ: مَوْعِظَتِهِ (" الْخَمْرُ جِمَاعُ الْإِثْمِ ") : بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: مَجْمَعُهُ وَمَظِنَّتُهُ وَقِيلَ: أَصْلُ الْجِمَاعِ مَا يَجْمَعُ عَدَدًا، وَيُرَادِفُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَرْفُوعًا " «الْخَمْرُ أَمُّ الْفَوَاحِشِ وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، مَنْ شَرِبَهَا وَقَعَ عَلَى أُمِّهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ» ". وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: «الْخَمْرُ أُمُّ الْفَوَاحِشِ وَأَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَوَقَعَ عَلَى أُمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ» " قِيلَ: دُعِيَ رَجُلٌ إِلَى سَجْدَةٍ لِصَنَمٍ فَأَبَى، ثُمَّ إِلَى قَتْلِ النَّفْسِ فَأَبَى، ثُمَّ إِلَى الزِّنَا فَأَبَى، ثُمَّ إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، فَلَمَّا شَرِبَ فَعَلَ جَمِيعَ مَا طُلِبَ مِنْهُ. (" وَالنِّسَاءُ ") أَيْ: جِنْسُهُنَّ (" حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ ") : وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ أَوْ رَئِيسُهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ الْأَوَّلُ مَا فِي نُسْخَةٍ بِلَفْظِ: الشَّيَاطِينِ أَيْ: مَصَائِدُهُمْ وَاحِدُهَا حِبَالَةٌ بِالْكَسْرِ، وَهِيَ مَا يُصَادُ بِهَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، قِيلَ: مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ بَنِي آدَمَ إِلَّا أَتَى مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ. (" «وَحُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ» ") أَيْ: مِلَاكُهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ تَرْكَ الدُّنْيَا رَأَسُ كُلِّ عِبَادَةٍ، وَقَدْ قِيلَ: مَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا لَا يَهْدِيهِ جَمِيعُ الْمُرْشِدِينَ، وَمَنْ تَرَكَهَا لَا يُغْوِيهِ جَمِيعُ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْكَلِمَاتُ الثَّلَاثُ كُلُّهَا مِنَ الْجَوَامِعِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ أَصْلٌ فِي الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ.
(قَالَ) أَيْ: حُذَيْفَةُ (وَسَمِعْتُهُ) أَيِ: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُولُ: " «أَخِّرُوا النِّسَاءَ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» ") : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَيْثُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الذِّكْرِ، وَفِي الْحُكْمِ، وَفِي الْمَرْتَبَةِ، فَلَا تُقَدِّمُوهُنَّ ذِكْرًا وَحُكْمًا وَمَرْتَبَةً. قُلْتُ: وَأَصْحَابُنَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى بُطْلَانِ مُحَاذَاةِ الْمُرَادِ بِشُرُوطِهَا الْمُغْتَرَّةِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَهُمْ، وَمُحَقَّقٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ. (رَوَاهُ) أَيِ: الْحَدِيثُ بِكَمَالِهِ (رَزِينٌ) : وَفِي التَّمْيِيزِ لِابْنِ الرَّبِيعِ حَدِيثٌ: أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ يَعْنِي النِّسَاءَ. قَالَ شَيْخُنَا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَكَرَ أَحَادِيثَ بِمَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا نُطِيلُ بِهَا، وَأَشَارَ شَيْخُنَا لِبَعْضِهَا فِي مُخْتَصَرِ تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ انْتَهَى، فَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، لَكِنْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنَ الْمُتَوَاتِرِ الْقَطْعِيِّ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَلَنَا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ لَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ، فَضْلًا عَنْ شُهْرَتِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute