٥٢٢٠ - وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ! إِنَّ النَّاسَ قَدْ تَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ مَا يُوعَدُونَ، وَهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ، سِرَاعًا يَذْهَبُونَ، وَإِنَّكَ قَدِ اسْتَدْبَرْتَ الدُّنْيَا مُنْذُ كُنْتَ، وَاسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّ دَارًا تَسِيرُ إِلَيْهَا أَقْرَبُ مِنْ دَارٍ تَخْرُجُ مِنْهَا) . رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٥٢٢٠ - (وَعَنْ مَالِكٍ) أَيِ: ابْنِ أَنَسٍ (أَنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: " يَا بُنَيَّ ") : بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَتُكْسَرُ عَلَى صِيغَةِ التَّصْغِيرِ لِلشَّفَقَةِ (" إِنَّ النَّاسَ ") أَيْ: مِنْ عَهْدِ آدَمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا (" قَدْ تَطَاوَلَ ") أَيْ: بَعُدَ (" عَلَيْهِمْ مَا يُوعَدُونَ ") أَيْ: مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْ: طَالَ عَلَيْهِمْ مُدَّةُ مَا وُعِدُوا بِهِ (وَهُمْ إِلَى الْآخِرَةِ، سِرَاعًا) أَيْ: مُسْرِعِينَ حَالٌ مِنَ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (يَذْهَبُونَ) قُدِّمَ اهْتِمَامًا، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مَا يُوعَدُونَ، وَالْمَعْنَى تَطَاوَلَ عَلَى النَّاسِ بُعْدُ الْوَعْدِ وَقُرْبُ الْعَهْدِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كُلَّ سَاعَةٍ، بَلْ كُلَّ نَفَسٍ يَذْهَبُونَ إِلَى مَا يُوعَدُونَ كَالْقَافِلَةِ السَّيَّارَةِ، لَكِنَّهُمْ لَا يُحِسُّونَ كَالسُّكَّانِ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: (وَإِنَّكَ) أَيْ: أَيُّهَا الْوَلَدُ وَأُرِيدَ بِهِ خِطَابُ الْعَامَّةِ الشَّامِلُ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ (قَدِ اسْتَدْبَرْتَ) أَيْ: أَنْتَ (الدُّنْيَا) أَيْ: سَاعَةً فَسَاعَةً (" مُنْذُ كُنْتَ ") أَيْ: وُجِدْتَ وَوُلِدْتَ (" وَاسْتَقْبَلْتَ الْآخِرَةَ ") أَيْ: نَفَسَا فَنَفَسًا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لَكَ فِي هَذَا الْمَسِيرِ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْمَصِيرِ، ثُمَّ أَوْضَحَ لَهُ الْقِصَّةَ بِطَرِيقِ الْحِكْمَةِ، حَيْثُ بَيَّنَ الدَّارَيْنِ الْمَعْنَوِيَّتَيْنِ بِالدَّارَيْنِ الْمَحْسُوسَتَيْنِ، فَقَالَ (" وَإِنَّ دَارًا تَسِيرُ إِلَيْهَا أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ دَارٍ تَخْرُجُ مِنْهَا ") : وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ دَفْعُ الْغَفْلَةِ عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ (رَوَاهُ رَزِينٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute