٥٢٣٧ - «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٢٣٧ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ) أَيْ: أَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ حَرَمِهِ وَخَدَمِهِ (مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ) فَمِنَ الْبُرِّ بِالْأَوْلَى (يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) أَيْ: بَلْ إِنْ حَصَلَ الشِّبَعُ يَوْمًا وَقَعَ الْجُوعُ يَوْمًا بِنَاءً عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ خَزَائِنُ الْأَرْضِ وَأَنْ يُجْعَلَ جِبَالُ مَكَّةَ ذَهَبًا فَاخْتَارَ الْفَقْرَ قَائِلًا: أَجُوعُ يَوْمًا فَأَصْبِرُ وَأَشْبَعُ يَوْمًا فَأَشْكُرُ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ نِصْفَانِ نِصْفُهُ شُكْرٌ وَنِصْفُهُ صَبْرٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: ٥] أَيْ: لِكُلِّ مُؤْمِنٍ كَامِلٍ بِالْوَصْفَيْنِ عَالَمٍ وَعَامِلٍ، (حَتَّى) أَيِ اسْتَمَرَّ عَدَمُ الشِّبَعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَتَّى (قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ فِي جُمْلَةِ صَاعٍ مِنَ الشَّعِيرِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: صَارَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ غَنِيًّا، نَعَمْ وَقَعَ مَالٌ كَثِيرٌ فِي يَدِهِ لَكِنَّهُ مَا أَمْسَكَهُ بَلْ صَرَفَهُ فِي مَرْضَاةِ رَبِّهِ، وَكَانَ دَائِمًا غَنِيَّ الْقَلْبِ بِغِنَى الرَّبِّ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي شَمَائِلِهِ عَنْهَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِيَ الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا» أَيْ: جَائِعًا هُوَ وَأَهْلُهُ لَا يَجِدُونَ عَشَاءً، وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ، وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يُتَبَيَّنُ أَنَّ أَحَدًا فِي زَمَانِنَا مِنَ الْفُقَرَاءِ مَا يَعِيشُ عَيْشَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ فَفِي فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْلِيَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا أَنَّ فِي قَوْلِهِ تَوْصِيَةً جَسِيمَةً لِلْأَغْنِيَاءِ، فَهُوَ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ وَإِمَامٌ لِلْعَالَمِينَ الْعَامِلِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute