٥٢٣٩ - «وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعُ نِسْوَةٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٥٢٣٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ) أَيْ: مَصْحُوبًا بِهِ (وَإِهَالَةٍ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كُلُّ دُهْنٍ يُؤْتَدَمُ بِهِ (سَنِخَةٍ) ، بِفَتْحِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ نُونٍ وَفَتَحِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا هَاءٌ أَيْ: مُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ لِطُولِ الْمُكْثِ. فِي النِّهَايَةِ قِيلَ الْإِهَالَةُ مَا أُذِيبَ مِنَ الْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ، وَقِيلَ الدَّسَمُ الْجَامِدُ، وَالسَّنِخَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ. (وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا) أَيْ: مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنَ الشَّعِيرِ (لِأَهْلِهِ) أَيْ: لِأَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَخْذِ مِنْهُ لِتَكُونَ الْحُجَّةُ بَالِغَةً عَلَيْهِ، أَوْ سَتْرًا لِحَالِهِ عَنِ الْمَسَاكِينِ، أَوْ لِئَلَّا يَثْقُلَ عَلَيْهِمْ فَيُعْطُوهُ اسْتِحْيَاءً، أَوْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ وَقْتَ الْعَطَاءِ رِيَاءً وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي تَنَزُّهِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَلَبِ الْأَجْرِ مِنَ الْأُمَّةِ وَلَوْ صُورَةً حَيْثُ قَالَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] وَنَظِيرُهُ مَا وَقَعَ لِإِمَامِنَا الْأَعْظَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ لَمْ يَقِفُ فِي ظِلِّ جِدَارِ مَنْ كَانَ يُطَالِبُهُ بِدَيْنٍ مُعَلِّلًا بِحَدِيثِ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ حَمْزَةَ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ الَّذِي قَالَ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَقِّهِ مِنَ الْمَنْقَبَةِ:
وَحَمْزَةُ مَا أَزْكَاهُ مِنْ مُتَوَرِّعٍ ... إِمَامًا صَبُورًا لِلْقُرْآنِ مُرَتِّلًا
كَانَ لَا يَأْخُذُ أَجْرًا عَلَى الْإِقْرَاءِ لِأَنَّهُ تَمَذْهَبَ بِحَدِيثِ التَّغْلِيظِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، أَوْ مِنْ كَمَالِ تَوَرُّعِهِ حَتَّى عَرَضَ تِلْمِيذُهُ عَلَيْهِ مَاءً فِي يَوْمِ حَرٍّ فَأَبَى وَقِيلَ: إِنَّهُ وَقَعَ فِي بِئْرٍ، فَكُلُّ مَنْ جَاءَ لِيَسْتَخْرِجَهُ مِنْهَا سَأَلَهُ هَلْ قَرَأْتَ عَلَيَّ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute