فَيَقُولُ: بَلَى فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَا إِلَى الْمَلَا، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ كُلُّهُمْ كَانُوا تَلَامِيذَهُ، فَعَجَزُوا حَتَّى رَأَوْا أَعْرَابِيًّا فَأَتَاهُ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَطُّ مَا قَرَأَ عَلَيْهِ وَلَا سَمِعَ مِمَّنْ يَقْرَأُ لَدَيْهِ. (وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: ضَمِيرُ الْمَفْعُولِ فِي سَمِعْتُهُ عَائِدٌ إِلَى أَنَسٍ، وَالْفَاعِلُ هُوَ رَاوِي أَنَسٍ انْتَهَى وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ مِنَ الشُّرَّاحِ، أَيْ قَالَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ: سَمِعْتُ أَنَسًا. (يَقُولُ: " مَا أَمْسَى ") أَيْ: لِلذَّخِيرَةِ (" عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ بُرٍّ ") أَيْ: لِلْقُوتِ (" وَلَا صَاعُ حَبٍّ ") تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَدَّخِرْ فِي اللَّيْلِ لِلْغَدِ (" وَإِنَّ عِنْدَهُ لَتِسْعُ نِسْوَةٍ ") بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَإِنَّ عِنْدَهُ يَوْمَئِذَ لَتِسْعُ نِسْوَةٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي قَطْعًا لِقَوْلِهِ عِنْدَهُ، وَالتَّأْوِيلُ بِالِالْتِفَاتِ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهُ حَيْثُ قَالَ بَعْضُهُمُ: الْحَقُّ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَفْعُولَ رَاجِعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَاعِلُ هُوَ أَنَسٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ، إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي نَاسَبَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ آلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute