للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٤٠ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ ; فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ! فَقَالَ: " أَوَ فِي هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وَفِي رِوَايَةٍ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ؟» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥٢٤٠ - (وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ» ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ: عَلَى رِمَالٍ مِنْ حَصِيرٍ. قَالَ شَارِحٌ: الرِّمَالُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا جَمْعُ رَمِيلٍ بِمَعْنَى مَرْمُولٍ أَيْ مَنْسُوجٍ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ، وَهَذَا مِنْ إِضَافَةِ الْجِنْسِ إِلَى النَّوْعِ كَخَاتَمِ فِضَّةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْحَصِيرِ هُنَا الْمَنْسُوجُ مِنْ وَرَقِ النَّخْلِ انْتَهَى. وَقِيلَ: الرِّمَالُ مَا يُنْسَجُ عُودًا عُودًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمَّ الرَّاءِ أَشْهَرُ وَلِذَا صَاحِبُ الْقَامُوسِ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ وَقَالَ: رِمَالُ الْحَصِيرِ كَغُرَابٍ مَرْمُولَةٍ وَفِي النِّهَايَةِ: الرُّمَالُ مَا رُمِلَ أَيْ: نُسِجَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَنَظِيرُهُ الْحُطَامُ وَالزُّكَامُ لِمَا يُحْطَمُ وَيُزْكَمُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الرُّمَالُ جَمْعُ رَمْلٍ بِمَعْنَى مَرْمُولٍ كَخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى مَخْلُوقَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ السَّرِيرُ قَدْ نُسِجَ وَجْهُهُ بِالسَّعَفِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى السَّرِيرِ وِطَاءٌ سِوَى الْحَصِيرِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، لَكِنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ بِرِمَالِ الْحَصِيرِ شَرِيطَ السَّرِيرِ بَعِيدٌ عِنْدَ الْفَقِيرِ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُضْطَجِعٌ عَلَى مَنْسُوجٍ مِنْ حَصِيرٍ (لَيْسَ بَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَبَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ الْحَصِيرِ (فِرَاشٌ) أَيْ: لَا مِنَ الْقُطْنِ وَلَا مِنَ الْحَرِيرِ (قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ) أَيْ: مِنْ بَدَنِهِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ كَشْفِهِ مِنْ ثَوْبِهِ (مِنْهُ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ مُعْتَمِدًا (عَلَى وِسَادَةٍ) أَيْ: مِخَدَّةٍ (مِنْ أَدَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: جِلْدٍ (حَشْوُهَا) أَيْ: مَحْشُوُّ الْوِسَادَةِ (لِيفٌ) فِي الْقَامُوسِ: لِيفُ النَّخْلِ بِالْكَسْرِ مَعْلُومٌ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ) : بِكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ (عَلَى أُمَّتِكَ) أَيْ: فَإِنَّهُمْ لَا يُطِيقُونَ مُتَابَعَتَكَ فِي تَحَمُّلِ مِحْنَتِكَ فَرُبَّمَا يَتَنَفَّرُونَ عَنِ الْمَيْلِ إِلَى مِلَّتِكَ (فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ) وَكَانَ ابْنُ الْخَطَّابِ النَّاطِقُ بِالصَّوَابِ الْمُوَافِقُ رَأْيُهُ لِلْكِتَابِ آخِذًا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ} [الزخرف: ٣٣] الْآيَةَ وَمَفْهُومُهَا أَنَّهُ مَا وُسِّعَ عَلَيْهِمْ تَوْسِيعًا كُلِّيًّا وَلَا ضُيِّقَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ تَضْيِيقًا كُلِّيًّا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْعَدْلِ مِنْ تَفْسِيرِ الدَّارَيْنِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ " «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ» " فَالْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ هِيَ الْمَانِعَةُ مِنْ مَيْلِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى طَرِيقِ الْكَافِرِينَ وَهِيَ الْحَالَةُ الْوُسْطَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُمُومِ الْخَلْقِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْتَبَةُ الْعُلْيَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْخَوَاصِّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَمَالَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالْقَنَاعَةَ بِأَقَلِّ مَا يُتَصَوَّرُ مِنْ مَتَاعِهَا لِيَكُونَ تَمَتُّعُهُمْ تَامًّا فِي الْعُقْبَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>