للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَأَلَهُ (رَجُلٌ قَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ اسْتِئْنَافٌ مُبَيِّنٌ (أَلَسْنَا) أَيْ: نَحْنُ وَأَمْثَالُنَا (مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ) ، أَيْ: مِنْ خَوَاصِّهِمُ الَّذِينَ يَسْبِقُونَ أَغْنِيَاءَهُمْ (فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ: أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِي إِلَيْهَا؟) أَيْ: تَضُمُّهَا وَتَسْكُنُ إِلَيْهَا وَتُقْبِلُ عَلَيْهَا (قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَتُكْسَرُ أَيْ: مَكَانٌ (تَسْكُنُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ) أَيْ: أَغْنِيَاءِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنَّ فُقَرَاءَهُمْ مَا كَانَ لَهُمُ امْرَأَةٌ وَلَا مَسْكَنٌ، أَوْ إِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَحَدُهُمَا مَا كَانَ لَهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا. (قَالَ: فَإِنَّ لِي خَادِمًا) أَيْ: عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ أَجِيرًا زِيَادَةً عَلَى مَا سَبَقَ (قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ الصُّعْلُوكُ فَلَسْتَ مِنْ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَعَلَّهُ اقْتَبَسَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة: ٢٠] عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} [المائدة: ٢٠] قَالَ: الزَّوْجَةُ وَالْخَادِمُ، وَزَادَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا كَانَتْ لَهُ الزَّوْجَةُ وَالْخَادِمُ وَالدَّارُ يُسَمَّى مَلِكًا.

(قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) : هَكَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ الْحَاضِرَةِ، وَصَوَابُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِمَا سَبَقَ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ " الْمُحَدِّثُ ": هَكَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ، وَالصَّوَابُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ (وَجَاءَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ) : بِالْإِضَافَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: ٤٨] وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ أَتَى ثَلَاثَةَ نَفَرٍ فُقَرَاءَ. (إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَنَا عِنْدَهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ. لَا نَفَقَةَ) : تَعْمِيمٌ مُبَيِّنٌ (وَلَا دَابَّةَ) أَيْ: لِنُجَاهِدَ عَلَيْهَا أَوْ نَحُجَّ بِهَا (وَلَا مَتَاعَ) . أَيْ: زَائِدَ يُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي النَّفَقَةِ وَالدَّابَّةِ. (فَقَالَ لَهُمْ: مَا شِئْتُمْ) : مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ شِئْتُمْ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: مَا أَرَدْتُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْرُوضَةِ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَاهُ. (إِنْ شِئْتُمْ) أَيْ أَنْ نُعْطِيَكُمْ شَيْئًا مِنْ عِنْدِنَا (رَجَعْتُمْ إِلَيْنَا) ، فَإِنَّهُ لَا يَحْضُرُنَا الْآنَ شَيْءٌ (فَأَعْطَيْنَاكُمْ) أَيْ: بَعْدَ هَذَا (مَا يَسَّرَ اللَّهُ لَكُمْ) ، أَيْ: مَا سَهَّلَهُ عَلَى أَيْدِينَا (وَإِنْ شِئْتُمْ) أَيْ أَنْ نَرْفَعَ أَمْرَكُمْ إِلَى الْخَلِيفَةِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (ذَكَرْنَا أَمْرَكُمْ لِلسُّلْطَانِ) أَيْ: لِلْمُتَسَلِّطِ عَلَى خِزَانَةِ بَيْتِ الْمَالِ فَيُعْطِيَكُمْ مَا يُوَسِّعُ لَكُمُ الْبَالَ، (وَإِنْ شِئْتُمْ صَبَرْتُمْ) أَيْ: عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنَّهُ مَقَامُ أَرْبَابِ الْكَمَالِ أَصْحَابِ حُسْنِ الْمَآلِ وَطِيبِ الْمَنَالِ (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِنَّ الْفُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ» ") أَيْ: أَغْنِيَاءَهُمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ (" يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا ") . أَيْ: سَنَةً (قَالُوا: فَإِنَّا نَصْبِرُ لَا نَسْأَلُ شَيْئًا) . أَيْ: حَالَ كَوْنِنَا لَا نَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>