٥٢٥٨ - «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَلْقَةٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ قُعُودٌ إِذْ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ، فَقُمْتُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيُبْشِرْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ بِمَا يَسُرُّ وُجُوهَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا " قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَلْوَانَهُمْ أَسْفَرَتْ» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ أَوْ مِنْهُمْ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ــ
٥٢٥٨ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ (قَالَ: بَيْنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ بَيْنَمَا (أَنَا قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (وَحَلْقَةٌ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَيُفْتَحُ أَيْ: وَجَمَاعَةٌ مُتَحَلِّقَةٌ وَقُلُوبُهُمْ بِهَا مُتَعَلِّقَةٌ (مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ قُعُودٌ) أَيْ: قَاعِدُونَ أَوْ ذَوُو قُعُودٍ، فَفِي الْقَامُوسِ حَلْقَةُ الْبَابِ وَالْقَوْمِ، وَقَدْ يُفْتَحُ لَامُهَا وَيُكْسَرُ أَوْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَلْقَةٌ مُحَرَّكَةٌ إِلَّا جَمْعُ حَالِقٍ أَوْ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَالْجُمَعُ حَلَقٌ مُحَرَّكَةٌ أَوْ كَبَدْرٍ. (إِذْ دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ) أَيْ: فَجَلَسَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْفُقَرَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] الْآيَةَ. (فَقُمْتُ إِلَيْهِمْ) أَيْ: مَائِلًا إِلَيْهِمْ مَيْلًا لِلْمُتَابَعَةِ وَنَيْلًا لِلْقُرْبَةِ لَدَيْهِمْ وَلِأَطَّلِعَ عَلَى كَلَامِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ، (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيُبْشِرْ ") : أَمْرٌ مَجْهُولٌ مِنَ التَّبْشِيرِ، وَيَجُوزُ مِنَ الْبِشَارَةِ أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ أَوِ الدُّعَاءُ (" فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ بِمَا يَسُرُّ وُجُوهَهُمْ ") ، بِالنَّصْبِ أَيْ: بِشَيْءٍ يُفْرِحُ قُلُوبَهُمْ وَيُظْهِرُ أَثَرَ السُّرُورِ عَلَى ظَاهِرِ أَشْرَفِ بَشَرَتِهِمْ وَأَلْطَفِ جِلْدَتِهِمْ، وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِ وُجُوهِهِمْ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ بِمَا يُسَرُّ بِهِ وُجُوهُهُمْ، (" فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا قَالَ) أَيِ: ابْنُ عَمْرٍو (فَلَقَدِ) : اللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ أَيْ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ (رَأَيْتُ أَلْوَانَهُمْ أَسْفَرَتْ) . أَيْ: أَضَاءَتْ مِنَ الْإِسْفَارِ وَهُوَ إِشْرَاقُ اللَّوْنِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عبس: ٣٨] ، {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: ٣٤] وَفِي الْحَدِيثِ: " «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» ". (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: حَتَّى تَمَنَّيْتُ) : مُتَعَلِّقَةٌ بِأَسْفَرَتْ أَيْ: أَشْرَقَتْ إِشْرَاقًا كَامِلًا تَامًّا حَتَّى وَدِدْتُ (أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا دَائِمًا مَوْصُوفًا بِحَالِهِمْ (أَوْ مِنْهُمْ) أَيْ: فِي الْعُقْبَى مَحْشُورًا فِي زُمْرَتِهِمْ وَحُسْنِ مَآلِهِمْ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَوْ لِلشَّكِّ، وَالْمَعْنَى أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) . وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ: لِيُبْشِرْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ بِالْفَوْزِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِمِقْدَارِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ يَنْعَمُونَ وَهَؤُلَاءِ يُحَاسَبُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute