٥٣١٦ - وَعَنْ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٣١٦ - (وَعَنْ جُنْدَبٍ) : مَرَّ ذِكْرُهُ (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ) وَفِي نُسْخَةٍ: رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ سَمَّعَ ") بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَيْ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِلسُّمْعَةِ بِأَنْ نَوَّهَ بِعَمَلِهِ وَشَهَرَهُ لِيَسْمَعَ النَّاسُ بِهِ وَيَمْتَدِحُوهُ (" سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ") بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْضًا، أَيْ: شَهَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ مَعْنَاهُ: مَنْ أَظْهَرَ عَمَلَهُ لِلنَّاسِ رِيَاءً فَهُوَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِمَقَامِ التَّفْضِيلِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ مِنَ السُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، حَيْثُ قَالَ: (" وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ ") بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْفِعْلَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ، وَالْمَعْنَى: مَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا لِيَرَاهُ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا يُجَازِيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنْ يُظْهِرَ رِيَاءَهُ عَلَى الْخَلْقِ، وَخُلَاصَةُ الْقَرِينَتَيْنِ، وَزُبْدَةُ الْجُمْلَتَيْنِ أَنَّ الْمَعْنَى: يُسْمِعُ اللَّهُ الْخَلْقَ بِكَوْنِهِ مُسَمِّعًا، وَيَظْهَرُ لَهُمْ بِكَوْنِهِ مُرَائِيًا. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَعْنَى مَنْ يُرَائِي: مَنْ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِيَعْظُمَ عِنْدَهُمْ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، يُرَائِي اللَّهَ بِهِ، أَيْ: يُظْهِرُ سَرِيرَتَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، وَفِيهِ أَنَّ قَيْدَهُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، سَوَاءٌ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ سَمَّعَ بِعُيُوبِ النَّاسِ وَأَذَاعَهَا أَظْهَرَ اللَّهُ عُيُوبَهُ، وَقِيلَ: أَسْمَعَهُ الْمَكْرُوهَ، وَقِيلَ: أَرَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطِيَهِ إِيَّاهُ لِيَكُونَ حَسْرَةً عَلَيْهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَهُ النَّاسُ أَسْمَعَهُ اللَّهُ النَّاسَ، وَكَانَ ذَلِكَ حَظُّهُ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute