٥٣٤٢ - وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا يَقُولُ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ " وَحَلَّقَ بِأُصْبَعَيْهِ: الْإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَنُهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٣٤٢ - (وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) مَرَّ ذِكْرُهَا، وَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَزِعًا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ: خَائِفًا (يَقُولُ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ ") فَفِي الْقَامُوسِ: الْوَيْلُ: حُلُولُ الشَّرِّ، وَهُوَ تَفْجِيعٌ، انْتَهَى. وَخَصَّ بِذَلِكَ الْعَرَبَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُعْظَمَ مَنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ (" مِنْ شَرٍّ ") أَيْ: خُرُوجِ جَيْشٍ يُقَاتِلُ الْعَرَبَ (" قَدِ اقْتَرَبَ ") ، أَيْ: قَرُبَ ذَلِكَ الشَّرُّ فِي غَايَةِ الْقُرْبِ، بَيَانُهُ قَوْلُهُ: (" فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ") بِالْأَلِفِ وَيُهْمَزُ فِيهِمَا بِلَا انْصِرَافٍ، وَالْمُرَادُ بِالرَّدْمِ: السَّدُّ، وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ السَّدُّ الَّذِي بَنَاهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ (" مِثْلُ هَذِهِ ") بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ لِقَوْلِهِ: فُتِحُ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْحَلْقَةِ الْمُبَيَّنَةِ بِقَوْلِهِ: (وَحَلَّقَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ: جَعَلَ حَلْقَةً (بِأُصْبَعَيْهِ ") أَيْ: بِضَمِّهَا (الْإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ حَلَّقَ، أَوْ عَلَى تَفْسِيرِ الْأُصْبُعَيْنِ بِتَقْدِيرِ: أَعْنِي، وَيَجُوزُ جَرُّهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الرَّدْمِ ثُقْبَةٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَقَدِ انْفَتَحَتْ فِيهِ إِذِ انْفِتَاحُهَا مِنْ عَلَامَاتِ قُرْبِ السَّاعَةِ، فَإِذَا اتَّسَعَتْ خَرَجُوا، وَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ جِنْسَانِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَطَائِفَتَانِ كَافِرَتَانِ مِنَ التُّرْكِ، (قَالَتْ زَيْنَبُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَنُهْلَكُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِهْلَاكِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ اللَّامِ (وَفِينَا الصَّالِحُونَ) أَيْ: أَنُعَذَّبُ فَنُهْلَكُ نَحْنُ مَعْشَرَ الْأُمَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَنَا مُؤْمِنُونَ، وَفِينَا الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِغْنَاءِ، أَيْ: وَفِينَا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ، (قَالَ: " نَعَمْ ") ، أَيْ: يُهْلَكُ الطَّيِّبُ أَيْضًا (" إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ") بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ: الْفِسْقُ، وَالْفُجُورُ، وَالشِّرْكُ، وَالْكُفُورُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الزِّنَا، وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ النَّارَ إِذَا وَقَعَتْ فِي مَوْضِعٍ وَاشْتَدَّتْ أَكَلَتِ الرَّطْبَ وَالْيَابِسَ، وَغَلَبَتْ عَلَى الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ، وَلَا تُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ، وَالْمُخَالِفِ وَالْمُوَافِقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْزَلَ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: الْخُبْثُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيِ: الْفَوَاحِشُ وَالْفُسُوقُ، أَوْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute