٥٣٥٢ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةٍ فَرَأَى النَّاسَ كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ، قَالَ: " أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى الْمَوْتُ، فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ إِلَّا تَكَلَّمَ، فَيَقُولُ: أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ، وَأَنَا بَيْتُ الْوَحْدَةِ، وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ، وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ، وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَحَبُّ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِي بِكَ "، قَالَ: " فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ أَوِ الْكَافِرُ قَالَ لَهُ الْقَبْرُ: لَا مَرْحَبًا وَلَا أَهْلًا، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَبْغَضَ مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ، فَإِذَا وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ وَصِرْتَ إِلَيَّ فَسَتَرَى صَنِيعِي بِكَ " قَالَ: " فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ "، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصَابِعِهِ، فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ بَعْضٍ، قَالَ: " وَيُقَيَّضُ لَهُ سَبْعُونَ تِنِّينًا لَوْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئًا مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، فَيَنْهَسْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ حَتَّى يُفْضِي بِهِ إِلَى الْحِسَابِ "، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٣٥٢ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةٍ) أَيْ: لِأَدَاءِ صَلَاةٍ، وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ مُقْتَضَى الْمَقَامِ أَنَّهَا صَلَاةُ جَنَازَةٍ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِذَا رَأَى جِنَازَةً رُئِيَتْ عَلَيْهِ كَآبَةٌ أَيْ: حُزْنٌ شَدِيدٌ، وَأَقَلَّ الْكَلَامَ، (فَرَأَى النَّاسَ كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ) أَيْ: يَضْحَكُونَ، مِنَ الْكَشْرِ: وَهُوَ ظُهُورُ الْأَسْنَانِ لِلضَّحِكِ، وَلَعَلَّ التَّاءَ لِلْمُبَالَغَةِ، فَفِي الْقَامُوسِ: كَشَّرَ عَنْ أَسْنَانِهِ: أَبْدَى، يَكُونُ وَالضَّحِكُ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الضَّحِكِ الْبَالِغِ وَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ يَضْحَكُونَ، وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ الْكَسْرُ، (قَالَ: " أَمَا ") بِالتَّخْفِيفِ لِيُنَبِّهَ عَلَى نَوْمِ الْغَفْلَةِ الْبَاعِثِ عَلَى الضَّحِكِ وَالْمُكَالَمَةِ (" إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ ") بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فِي أَصْلِ السَّيِّدِ وَأَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَفِي الْقَامُوسِ: هَذَمَ بِالْمُعْجَمَةِ: قَطَعَ وَأَكَلَ بِسُرْعَةٍ، وَبِالْمُهْمَلَةِ: نَقَضَ الْبِنَاءَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute