للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٥٨ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْعٍ: خَشْيَةِ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَكَلِمَةِ الْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَالْقَصْدِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وَأُعْطِي مَنْ حَرَمَنِي، وَأَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وَأَنْ يَكُونَ صَمْتِي فِكْرًا، وَنُطْقِي ذِكْرًا، وَنَظَرِي عِبْرَةً، وَآمُرُ بِالْعُرْفِ» " وَقِيلَ: (بِالْمَعْرُوفِ) . رَوَاهُ رَزِينٌ.

ــ

٥٣٥٨ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْعٍ ") أَيْ: خِصَالٍ (" خَشْيَةِ اللَّهِ ") بِالْجَرِّ وَيَجُوزُ أُخْتَاهُ، أَيْ: خَوْفِهِ الْمَقْرُونِ بِالْعَظَمَةِ (" فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ ") أَيْ: فِي الْقَلْبِ وَالْقَالَبِ، أَوْ فِي الْخَلَا وَالْمَلَا (" وَكَلِمَةِ الْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا ") بِالْقَصْرِ أَيْ: فِي الْحَالَيْنِ (" وَالْقَصْدِ ") أَيِ: الِاقْتِصَادِ فِي الْمَعِيشَةِ، أَوِ التَّوَسُّطِ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، غَيْرِ خَارِجٍ عَنْهُمَا بِالْجَزَعِ وَالطُّغْيَانِ (" فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي ") أَيْ: مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا غَايَةُ الْحِلْمِ وَنِهَايَةُ التَّوَاضُعِ، (" وَأُعْطِي مَنْ حَرَمَنِي ") وَهَذَا كَمَالُ الْكَرَمِ وَالْجُودِ (وَأَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَنِي) أَيْ: مَعَ قُدْرَتِي عَلَى الِانْتِقَامِ، هَذَا نَتِيجَةُ الصَّبْرِ، وَقَضِيَّةُ الشُّكْرِ، وَرِعَايَةُ الْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ، (" وَأَنْ يَكُونَ صَمْتِي فِكْرًا ") أَيْ: فِي أَسْمَائِكَ، وَصِفَاتِكَ، وَمَصْنُوعَاتِكَ، وَمَعَانِي آيَاتِكَ (" وَنُطْقِي ذِكْرًا ") أَيْ: بِتَسْبِيحِكَ وَتَحْمِيدِكَ، وَتَقْدِيسِكَ وَتَمْجِيدِكَ، وَتَكْبِيرِكَ وَتَوْحِيدِكَ، وَتِلَاوَةِ كِتَابِكَ، وَمَوْعِظَةِ عِبَادِكَ (" وَنَظَرِي عِبْرَةً ") أَيْ: فِي الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ وَمَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، (وَآمُرُ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ: بَدَلًا مِنْ عَنِ الْعُرْفِ بِالضَّمِّ وَالسُّكُونِ، وَلَمْ يَقُلْ: وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ اكْتِفَاءً، أَوِ الْعُرْفُ يَشْمَلُ الْمَعْرُوفَ فِي الشَّرْعِ ارْتِكَابًا وَاجْتِنَابًا.

قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ تِسْعًا وَأَتَى بِعَشْرٍ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَاشِرُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ عَقِبَ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، وَكُلِّ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ الْمُحْسَّنَاتِ وَالْمُقَبَّحَاتِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أَمَرَنِي رَبِّي بِأَنْ أَتَّصِفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَآمُرَ غَيْرِي بِالِاتِّصَافِ بِهَا، فَالْوَاوَاتُ كُلُّهَا عَطَفَتِ الْمُفْرَدَ عَلَى الْمُفْرَدِ، وَفِي قَوْلِهِ: وَآمُرُ بِالْمَعْرُوفِ عَطَفَتِ الْمَجْمُوعَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى الْمَجْمُوعِ بِحَسْبَ اللَّفْظِ، وَنَحْوُهُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْوَاوَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ - وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ - وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر: ١٩ - ٢١] . (رَوَاهُ رَزِينٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>