الْعُشْرَ سَمَعَ مِنَ الْقَبْرِ صَوْتَ شَيْخِهِ أَنَّهُ قَرَأَ عُشْرًا وَسَكَتَ، وَهَكَذَا كَانَ الْأَمْرُ مُسْتَمِرًّا، إِلَى أَنَّهُ حَكَى الْمُرِيدُ الْقَضِيَّةَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَوَقَعَ تَحْتَ حِجَابِهِ وَنَظِيرِهِ سَمَاعُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ صَوْتَ الْأَذَانِ مِنَ الضَّرِيحِ الْأَنْوَرِ أَيَّامَ فِتْنَةِ يَزِيدَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُعَظَّمَةِ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إِلَّا سَعِيدًا، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ شَيْخٌ مَجْنُونٌ، (" وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ ") أَيْ: أَهْلِكَ (" قُرَيْشًا ") أَيْ: كُفَّارَهُمْ (" فَقُلْتُ: رَبِّ ") ! أَيْ: يَا رَبِّ (" إِذًا ") : بِالتَّنْوِينِ (يَثْلَغُوا) بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ: يَشْدَخُوا وَيَكْسِرُوا (" رَأْسِي، فَيَدَعُوهُ ") بِفَتْحِ الدَّالِ، أَيْ: رَأْسِي (" خُبْزَةً ") أَيْ: فَيَتْرُكُوهُ بِالشَّدْخِ بَعْدَ الشَّكْلِ الْكُرَوِيِّ مُصَحَّفًا مِثْلَ خُبْزَةٍ (" قَالَ ") أَيْ: اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَخْرِجْهُمْ) أَيْ: قُرَيْشًا، وَالْمُرَادُ كُفَّارُهُمْ (كَمَا أَخْرَجُوكَ) أَيْ: كَإِخْرَاجِهِمْ إِيَّاكَ جَزَاءً وِفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْإِخْرَاجِينِ بَوْنٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّ إِخْرَاجَهُمْ إِيَّاهُ بِالْبَاطِلِ، وَإِخْرَاجَهُ إِيَّاهُمْ بِالْحَقِّ (وَاغْزُهُمْ) أَيْ: وَجَاهِدْهُمْ، فَالْوَاوُ بِمُطْلِقِ الْجَمْعِ، فَإِنَّ الْقِتَالَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِخْرَاجِ (نُغْزِكَ) بِضَمِّ النُّونِ مِنْ أَغْزَيْتَهُ إِذَا جَهَّزْتَهُ لِلْغَزْوِ وَهَيَّأْتَ لَهُ أَسْبَابَهُ (وَأَنْفِقْ) أَيْ: مَا فِي جُهْدِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (فَسَنُنْفِقُ عَلَيْكَ) أَيْ: نُخْلِفُ عَلَيْكَ بَدَلَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْأَخَرَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩] وَفِيهِ وَعْدٌ وَتَسْلِيَةٌ (وَابْعَثْ) أَيْ: أَرْسِلْ أَنْتَ (جَيْشًا) أَيْ: كَبِيرًا وَصَغِيرًا (نَبْعَثْ خَمْسَةً) أَيْ: مِقْدَارَ خَمْسَةٍ (مِثْلَهُ) بِالنَّصْبِ، وَالْمَعْنَى: نَبْعَثُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَمْسَةَ أَمْثَالٍ تُعِينُهُمْ كَمَا فَعَلَ بِبَدْرٍ، قَالَ تَعَالَى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: ١٢٥] وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَالْمُسْلِمُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ (وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ) أَيْ: بِمَعُونَتِهِ أَوْ مَعَهُ (مَنْ عَصَاكَ) أَيْ: بِعَدَمِ الْإِيمَانِ بِكَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute