للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٧٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا، فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: " يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ! أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ! لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ! سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ". الْفَصْلُ الثَّانِي

ــ

٥٣٧٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشًا) أَيْ قَبَائِلَهُ (فَاجْتَمَعُوا، فَعَمَّ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النِّدَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ (وَخَصَّ) ، ثُمَّ بَيَّنَ الرَّاوِي كَيْفِيَّةَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ بِقَوْلِهِ: (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ!) بِضَمِّ لَامٍ وَفَتْحِ هَمْزَةٍ، وَقَدْ يُبَدَّلُ وَاوًا فَتَحْتِيَّةً مُشَدَّدَةً، وَهُوَ ابْنُ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ (أَنْقِذُوا) بِفَتْحِ هَمْزَةٍ وَكَسْرِ قَافٍ أَيْ: خَلِّصُوا (" أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ ") بِضَمِّ مِيمٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ أَيْ: أَبُو قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ (" «أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مُنَافٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلَبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ! أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ» ") خَتَمَ بِهَا ; لِأَنَّهَا خُلَاصَةُ قَوْمِهَا، ثُمَّ عَمَّ فِي تَبْرِيءِ إِنْقَاذِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ النَّارِ بِغَيْرِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ) أَيْ: لِجَمِيعِكُمْ عَامِّكُمْ وَخَاصِّكُمْ (" مِنَ اللَّهِ ") أَيْ: مِنْ عَذَابِهِ (" شَيْئًا ") أَيْ: مِنَ الْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالدَّفْعِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمَعْنَى أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَدْفَعَ عَنْكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَكُمْ، وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} [الفتح: ١١] بَلْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: ١٨٨] وَهَذَا التَّوْحِيدُ عَلَى وِفْقِ التَّفْرِيدِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ بِالشَّفَاعَةِ حَيْثُ يَشْفَعُ وَيُشَفَّعُ، لَكِنْ أَطْلَقَهُ تَرْهِيبًا لَهُمْ عَلَى الِاتِّكَالِ عَلَيْهِ وَتَرْغِيبًا لَهُمْ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي أَمْرِ زَادَ الْمَعَادَ، وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (" غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا ") أَيْ: قَرَابَةً (" سَأَبُلُّهَا ") بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَتَشْدِيدِ لَامٍ، أَيْ: سَأَصِلُهَا (" بِبِلَالِهَا ") بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُفْتَحُ، أَيْ: بِصِلَتِهَا وَبِالْإِحْسَانِ إِلَيْهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>