٥٣٩٥ - وَعَنْ سَفِينَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا» ".
ثُمَّ يَقُولُ سَفِينَةُ: أَمْسِكْ، خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرَةً، وَعُثْمَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَعَلِيٍّ سِتَّةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٥٣٩٥ - (وَعَنْ سَفِينَةَ) : هُوَ أَيْضًا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُقَالُ: إِنَّ سَفِينَةَ لَقَبٌ لَهُ وَاسْمُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ مَعَهُ فَأُعْيَا رَجُلٌ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ سَيْفَهُ وَتُرْسَهُ وَرُمْحَهُ، فَحَمَلَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ سَفِينَةٌ ". رَوَى عَنْهُ بَنُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَزِيَادٌ، وَكَثِيرٌ. (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " الْخِلَافَةُ ") أَيِ: الْحَقَّةُ أَوِ الْمَرْضِيَّةُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، أَوِ الْكَامِلَةُ أَوِ الْمُتَّصِلَةُ (ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ ") أَيْ: تَنْقَلِبُ الْخِلَافَةُ وَتَرْجِعُ (" مُلْكًا ") بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: سَلْطَنَةً وَغَلَبَةً عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ: وَهَذَا مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى خِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَبَعْضِ الْمَرْوَانِيَّةِ، كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْخِلَافَةَ الْكَامِلَةَ الَّتِي لَا يَشُوبُهَا شَيْءٌ مِنَ الْمُخَالَفَةِ، وَمَيْلٌ عَنِ الْمُتَابَعَةِ تَكُونُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَبَعْدَهَا قَدْ تَكُونُ وَقَدْ لَا تَكُونُ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْوَانِيَّةَ أَوَّلُهُمْ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ الْوَلِيدُ، ثُمَّ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثُمَّ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثُمَّ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُمُ الْخِلَافَةُ إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ. هَذَا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ يَعْنِي أَنَّ الْخِلَافَةَ حَقُّ الْخِلَافَةِ إِنَّمَا هِيَ لِلَّذِينِ صَدَّقُوا هَذَا الِاسْمَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِسُّنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعْدِهِ، فَإِذَا خَالَفُوا السُّنَّةَ وَبَدَّلُوا السِّيرَةَ فَهُمْ حِينَئِذٍ مُلُوكٌ، وَإِنْ كَانَ أَسَامِيهُمْ خُلَفَاءَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَمَّى الْقَائِمُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِبَعْضِ سِيَرِ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ لِقِيَامِهِ بِأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُسَمَّى خَلِيفَةً ; لِأَنَّهُ خَلَفَ الْمَاضِي قَبْلَهُ وَقَامَ مَقَامَهُ، وَلَا يُسَمَّى أَحَدٌ خَلِيفَةَ اللَّهِ بَعْدَ آدَمَ وَدَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute