٥٤٤٠ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ وَيَفِيضَ، حَتَّى يُخْرِجَ الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ، وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: قَالَ: " تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ أَوْ يِهَابَ» ".
ــ
٥٤٤٠ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَى يَكْثُرَ الْمَالُ ") أَيِ ابْتِلَاءٌ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ (" وَيَفِيضَ ") : بِفَتْحِ الْيَاءِ فِيهِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَيْ: يَسِيلَ مِنْ كَثْرَتِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ كَالسَّيْلِ ; لِيَمِيلَ الْخَلْقُ إِلَيْهِ كُلَّ الْمَيْلِ، (" حَتَّى يُخْرِجَ ") : بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: يُفْرِزَ (" الرَّجُلُ زَكَاةَ مَالِهِ، فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهَا مِنْهُ ") ، أَيْ: لِكَثْرَةِ الْمَالِ وَلِقِلَّةِ الْمَيْلِ إِلَيْهِ بِتَشَوُّشِ الْحَالِ، (" وَحَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ ") أَيْ: تَصِيرَ أَوْ تَرْجِعَ (" مُرُوجًا ") : بِالضَّمِّ أَيْ: رِيَاضًا كَمَا كَانَتْ بِنَبَاتَاتِهَا وَأَشْجَارِهَا وَأَثْمَارِهَا، (" وَأَنْهَارًا ") أَيْ: مِيَاهًا كَثِيرَةً جَارِيَةً فِي أَنْهَارِهَا.
وَفِي النِّهَايَةِ: الْمَرْجُ: الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ ذَاتُ نَبَاتٍ كَثِيرٍ تَمْرُجُ فِيهِ الدَّوَابُّ، أَيْ: تُخَلَّى تَسْرَحُ مُخْتَلِطَةً كَيْفَ شَاءَتْ اهـ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ الدُّنْيَا جَنَّةُ الْحَمْقَى فِي أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ غَافِلِينَ عَنِ الْعُقْبَى. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ) : أَيْ لِمُسْلِمٍ (قَالَ: " تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ ") أَيْ: تَصِلُ نِهَايَةَ مَسَاكِنِ الْمَدِينَةِ (" إِهَابَ ") : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، (" أَوْ يِهَابَ ") بِكَسْرِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِلِازْدِوَاجِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ الْفُصَحَاءِ وَالْبُلَغَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِفَتْحِهَا، وَهُمَا مَوْضِعَانِ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَعَدَمُ صَرْفِهِمَا بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ، وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ عِمَارَةِ الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا. وَقَالَ شَارِحٌ: أَوْ نِهَابَ. بِالنُّونِ الْمَكْسُورَةِ، وَرُوِيَ بِالْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَمَّا إِهَابُ فَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَأَمَّا يَهَابُ فَبِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَكْسُورَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي الشَّرْحِ وَالْمَشَارِقِ إِلَّا الْكَسْرَ، وَحَكَى الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ بَعْضِهِمْ نِهَابَ بِالنُّونِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنْهَا. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرِيدُ أَنَّ الْمَدِينَةَ يَكْثُرُ سَوَادُهَا حَتَّى يَتَّصِلَ مَسَاكِنُ أَهْلِهَا بِإِهَابَ أَوْ يِهَابَ، شَكَّ الرَّاوِي فِي اسْمِ الْمَوْضِعِ، أَوْ كَانَ يُدْعَى بِكِلَا الِاسْمَيْنِ، فَذَكَرَ " أَوْ " لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا، وَفِي التَّصْحِيحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ مِيرَكُ أَنَّ قَوْلَهُ: " إِهَابَ " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَلَى قَصْدِ الْبُقْعَةِ، وَ " يِهَابَ " بِيَاءٍ ـ آخِرَ الْحُرُوفِ - مَكْسُورَةٍ، كَذَا قَيَّدَهُ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ، وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِالْفَتْحِ. وَقِيلَ: فِيهِ نِهَابُ بِالنُّونِ، وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَالشَّكُّ فِيهِ مِنَ الرَّاوِي.
وَفِي الْقَامُوسِ: الْإِهَابُ كَكِتَابِ الْجِلْدِ، وَكَسَحَابٍ: مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ يِهَابُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute