بِوُجُوبِ قَتْلِهِمْ عَلَى مَنْ يَقْدِرُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَا مُعْتَقَدُ الطَّائِفَةِ الشِّيعَةِ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ أَنَّ الْمَهْدِيَّ الْمَوْعُودَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْعَسْكَرِيُّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، بَلْ هُوَ مُخْتَفٍ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ مِنَ الْعَوَامِّ وَالْأَعْيَانِ، وَأَنَّهُ إِمَامُ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ سَيَظْهَرُ فِي وَقْتِهِ وَيَحْكُمُ فِي دَوْلَتِهِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالْأَدِلَّةُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ إِذَا اخْتَفَى دَخَلَ فِي دَائِرَةِ الْأَبْدَالِ أَوَّلًا، وَبَقِيَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ; فَصَارَ سَيِّدَ الْأَبْدَالِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي دَائِرَةِ الْأَبْطَالِ، يَعْنِي دَائِرَةَ الْأَرْبَعِينَ، وَبَقِيَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ; فَصَارَ سَيِّدَ الْأَبْطَالِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي دَائِرَةِ السُّيَّاحِ وَهُمُ السَّبْعَةُ، وَبَقِيَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ ; فَصَارَ سَيِّدَ السُّيَّاحِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي دَائِرَةِ الْأَوْتَادِ وَهُمُ الْخَمْسَةُ، وَبَقِيَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَصَارَ سَيِّدَ الْأَوْتَادِ، ثُمَّ دَخَلَ فِي دَائِرَةِ الْأَفْذَاذِ، وَهُمُ الثَّلَاثَةُ، وَبَقِيَ فِيهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَصَارَ سَيِّدَ الْأَفْذَاذِ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْأَرِيكَةِ الْقُطْبِيَّةِ، بَعْدَ أَنْ تَوَفَّى اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيَّ الْقُطْبَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ فِي بَغْدَادَ فِي الشُّونِيزِ بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَبَقِيَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْقُطْبِيَّةِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، انْتَهَى.
وَقَدْ نَقَلَ مَوْلَانَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْجَامِيُّ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ السَّامِيَ - هَذَا عَنْهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي اعْتِقَادِهِ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّيْخَ عَلَاءَ الدَّوْلَةِ ظَهَرَ بَعْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ، وَلَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدَّعِي هَذَا مِنْ طُرُقِ الْكَشْفِ، وَكَذَا لَا يُمْكِنُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا إِلَّا كَذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَبْنَى الِاعْتِقَادِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْأَدِلَّةِ الْيَقِينِيَّةِ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَسَاسُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَبْنَى لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ ; وَلِذَا لَمْ يَعْتَبِرْ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ الْعَمَلِ فِي الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ بِمَا يَظْهَرُ لِلصُّوفِيَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْكَشْفِيَّةِ، أَوْ مِنَ الْحَالَاتِ الْمَنَامِيَّةِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْسُوبَةً إِلَى الْحَضْرَةِ النَّبَوِيَّةِ - عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، وَأَكْمَلُ التَّحِيَّةِ - لَكِنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي أَحْوَالِ الْمَهْدِيِّ مِمَّا جَمَعَهُ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرُهُ تَرُدُّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي اعْتِقَادَاتِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَآرَائِهِمُ الْكَاسِدَةِ، بَلْ جَعَلُوا تَمَامَ إِيمَانِهِمْ وَبِنَاءَ إِسْلَامِهِمْ وَأَرْكَانَ أَحْكَامِهِمْ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ الْمَهْدِيُّ الْمَوْعُودُ عَلَى لِسَانِ صَاحِبِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute