للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٥٨ - وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ، حَرَّاثٌ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ، يُوَطِّنُ أَوْ يُمَكِّنُ لِآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مَكَّنَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ نَصْرُهُ - أَوْ قَالَ: إِجَابَتُهُ» - ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٥٤٥٨ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَخْرُجُ رَجُلٌ ") أَيْ: صَالِحٌ (" مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ ") أَيْ: مِمَّا وَرَاءَهُ مِنَ الْبُلْدَانِ، كَبُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ وَنَحْوِهِمَا، (" يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ ") : اسْمٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: (" حَرَّاثٌ ") بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، صِفَةٌ لَهُ أَيْ: زَرَّاعٌ (" عَلَى مُقَدِّمَتِهِ ") أَيْ: مُقَدِّمَةِ جَيْشِهِ (" رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ ") : اسْمٌ لَهُ أَوْ صِفَةٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ، وَهُوَ إِمَامٌ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ أُصُولِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْعَقَائِدِ الْحَنِيفِيَّةِ، لَكِنَّ إِيرَادَ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ مُلَائِمٍ لَهُ، وَمَعَ هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنَ الِاحْتِمَالِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ، مَعَ أَنَّ عُنْوَانَ الْبَابِ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَنُقِلَ عَنْ خَوَاجَهْ عُبَيْدِ اللَّهِ السَّمَرْقَنْدِيِّ النَّقْشَبَنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: الْمَنْصُورُ هُوَ الْخَضِرُ، وَمِثْلُ هَذَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ إِلَّا بِنَقْلٍ قَالَ: أَوْ كَشْفِ حَالٍ.

(" يُوَطِّنُ ") أَيْ: يُقَرِّرُ وَيُثَبِّتُ الْأَمْرَ، وَأَصْلُ التَّوْطِينِ جَعْلُ الْوَطَنِ لِأَحَدٍ، (" أَوْ يُمَكِّنُ ") : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} [الحج: ٤١] ، أَوْ هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ: يُهَيِّئُ الْأَسْبَابَ بِأَمْوَالِهِ وَخَزَائِنِهِ وَسِلَاحِهِ، وَيُمَكِّنُ أَمْرَ الْخِلَافَةِ وَيُقَوِّيهَا وَيُسَاعِدُهَا بِعَسْكَرِهِ (" لِآلِ مُحَمَّدٍ ") أَيْ: لِذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عُمُومًا وَلِلْمَهْدِيِّ خُصُوصًا، أَوِ الْآلُ مُقْحَمٌ وَالْمَعْنَى لِمُحَمَّدٍ وَالْمَهْدِيِّ، (" كَمَا مَكَّنَتْ قُرَيْشٌ ") أَيْ: كَتَمْكِينِهِمْ (" لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ") : وَالْمُرَادُ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، وَدَخَلَ فِي التَّمْكِينِ أَبُو طَالِبٍ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: يُمَكِّنُ لِآلِ مُحَمَّدٍ أَيْ فِي الْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} [الأنعام: ٦] أَيْ: جَعَلَ لَهُ فِي الْأَرْضِ مَكَانًا، وَأَمَّا مَكَّنْتُهُ فِي الْأَرْضِ فَأُثَبِّتُهُ فِيهَا، وَمَعْنَاهُ جَعَلَهُمْ فِي الْأَرْضِ ذَوِي بَسْطَةٍ فِي الْأَمْوَالِ وَنُصْرَةٍ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: كَمَا مَكَّنَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْشٌ آخِرَ أَمْرِهَا، فَإِنَّ قُرَيْشًا وَإِنْ أَخْرَجُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا مِنْ مَكَّةَ، لَكِنَّ بَقَايَاهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ أَسْلَمُوا، وَمَكَّنُوا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>