بَابُ الْعَلَامَاتِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وَذِكْرِ الدَّجَّالِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
٥٤٦٤ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «اطَّلَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ. فَقَالَ: " مَا تَذْكُرُونَ؟ ". قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: " إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ: " نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ» ". وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْعَاشِرَةِ: " «وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
[٣] بَابُ الْعَلَامَاتِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وَذِكْرِ الدَّجَّالِ
وَفِي نُسْخَةٍ: بَابُ عَلَامَاتِ، وَقَوْلُهُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيْ: قُدَّامَهَا، وَأَصْلُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي مَكَانٍ يُقَابِلُ صَدْرَ الشَّخْصِ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الزَّمَانِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَذِكْرِ الدَّجَّالِ مِنْ بَابِ التَّخْصِيصِ بَعْدَ التَّعْمِيمِ، وَهُوَ مِنْ دَجَلَ إِذَا سَاحَ فِي الْأَرْضِ، وَيُقَالُ: دَجَلَ فُلَانٌ الْحَقَّ إِذَا أَعْطَاهُ، وَفِي النِّهَايَةِ: أَصْلُ الدَّجَّالِ الْخَلْطُ، يُقَالُ: دَجَلَ إِذَا لَبَّسَ وَمَوَّهَ، وَالدَّجَّالُ فَعَّالٌ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ، أَيْ: يَكْثُرُ مِنْهُ الْكَذِبُ وَالتَّلْبِيسُ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ.
٥٤٦٤ - (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ، (الْغِفَارِيِّ) : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ نِسْبَةً إِلَى قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ، (قَالَ: اطَّلَعَ) : بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ: أَشْرَفَ (النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا) أَيْ: وَشَرَّفَنَا بِطَلْعَةِ وَجْهِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْخَدَّيْنِ الْغَالِبِ نُورُهُمَا عَلَى طُلُوعِ الْقَمَرَيْنِ ; حَيْثُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ ضِيَاءُ الدَّارَيْنِ، (وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ) أَيْ: فِيمَا بَيْنَنَا، (فَقَالَ: " مَا تَذْكُرُونَ؟ ") أَيْ: بَعْضُكُمْ مَعَ بَعْضٍ، (قَالُوا) ، وَفِي نُسْخَةٍ قُلْنَا (نَذْكُرُ السَّاعَةَ) أَيْ: أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَاحْتِمَالَ قِيَامِهَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ، (قَالَ: " إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ") أَيْ: عَلَامَاتٍ (" فَذَكَرَ ") أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانًا لِلْعَشْرِ (" الدُّخَانَ ") : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] ، وَذَلِكَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا أَصَابَ قُرَيْشًا مِنَ الْقَحْطِ، حَتَّى يُرَى الْهَوَاءُ لَهُمْ كَالدُّخَانِ، لَكِنْ قَالَ حُذَيْفَةُ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ: " «يَمْلَأُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُؤْمِنُ يَصِيرُ كَالزُّكَامِ، وَالْكَافِرُ كَالسَّكْرَانِ» "، فَقَوْلُهُ: يَصِيرُ كَالزُّكَامِ أَيْ: كَصَاحِبِ، أَوْ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ: كَالْمَزْكُومِ، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ كَرَجُلٍ عَدْلٍ، (" وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ ") : وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: ٨٢] ، (" وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ") ، قِيلَ: لِلدَّابَّةِ ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ، أَيَّامَ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ أَيَّامَ عِيسَى، ثُمَّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. (" «وَنُزُولَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» ") أَيِ: الْمُنْضَمِّ إِلَى ظُهُورِهِ الْمَهْدِيُّ الْأَعْظَمُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَوْسٍ مَرْفُوعًا " «يَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ» ". وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ مَرْفُوعًا: " «يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ» ": فِي النِّهَايَةِ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَقِيلَ بِفَلَسْطِينَ، كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِلسُّيُوطِيِّ، وَفِي الْقَامُوسِ: لُدٌّ بِالضَّمِّ قَرْيَةٌ بِفَلَسْطِينَ، يَقْتُلُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الدَّجَّالَ عِنْدَ بَابِهَا، هَذَا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ الدُّخَانُ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّجَّالِ، ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ، ثُمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَنِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِهِ لَمْ يَكُنِ الْإِيمَانُ مَقْبُولًا مِنَ الْكُفَّارِ، قَالُوا وَلِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ نُزُولَهُ قَبْلَ طُلُوعِهَا، وَلَا مَا سَيَأْتِي أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوَّلُ الْآيَاتِ. (" وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ") : بِأَلِفٍ فِيهِمَا وَيُهْمَزُ أَيْ: خُرُوجَهُمَا، (" وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ ") :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute