احْتِرَازًا عَنِ الْإِبِلِ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى سَفِينَةَ الْبَرِّ، وَقِيلَ: أَيْ مَرْكَبًا كَبِيرًا بَحْرِيًّا لَا زَوْرَقًا صَغِيرًا نَهْرِيًّا (" مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ ") : بِفَتْحِ لَامٍ وَسُكُونِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَصْرُوفٌ، وَقَدْ لَا يُصْرَفُ، قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (" وَجُذَامَ ") : بِضَمِّ الْجِيمِ (" فَلَعِبَ ") أَيْ دَارَ (" بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا ") أَيْ: مِقْدَارَ شَهْرٍ (" فِي الْبَحْرِ ") ، وَاللَّعِبُ فِي الْأَصْلِ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ، فَاسْتُعِيرَ لِصَدِّ الْأَمْوَاجِ السُّفُنَ عَنْ صَوْبِ الْمَقْصِدِ وَتَحْوِيلِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا (" فَأَرْفَئُوا) : بِهَمْزَتَيْنِ أَيْ قَرَّبُوا السَّفِينَةَ (" إِلَى جَزِيرَةٍ حِينَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ ") ، فِي شَرْحِ التُّورِبِشْتِيِّ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَرْفَأْتُ السَّفِينَةَ أُرْفِئُهَا إِرْفَاءً، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أُرْفِيهَا بِالْيَاءِ عَلَى الْإِبْدَالِ، وَهَذَا مَرْفَأُ السُّفُنِ أَيِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ وَتُوقَفُ عِنْدَهُ. (" فَجَلَسُوا ") أَيْ: بَعْدَ مَا تَحَوَّلُوا مِنَ الْمَرْكَبِ الْكَبِيرِ (" فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ ") ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَفَتْحُهُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ، وَحُكِيَ ضَمُّهَا، وَهُوَ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالْقِيَاسُ قَوَارِبُ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَقْرُبِ السَّفِينَةِ هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ، جَمْعُ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَهِيَ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ مَعَ الْكَبِيرَةِ كَالْجَنِيبَةِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا رُكَّابُ السَّفِينَةِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ. وَفِي النِّهَايَةِ: أَمَّا أَقْرُبُ فَلَعَلَّهُ جَمْعُ قَارِبٍ، فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي جَمْعِ فَاعِلٍ أَفْعُلُ، وَقَدْ أَشَارَ الْحُمَيْدِيُّ فِي غَرِيبِهِ إِلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّهُ جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. (" فَدَخَلُوا فِي الْجَزِيرَةِ ") : اللَّامُ لِلْعَهْدِ أَيْ: فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي هُنَاكَ (" فَلَقِيَتْهُمْ ") أَيْ: فَرَأَتْهُمْ (" دَابَّةٌ أَهْلَبُ ") : الْهَلْبُ الشَّعَرُ، وَقِيلَ: مَا غَلُظَ مِنَ الشَّعَرِ، وَقِيلَ: مَا كَثُرَ مِنْ شَعَرِ الذَّنَبِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الدَّابَّةَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣٨] ، كَذَا قَالُوا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِتَأْوِيلِ الْحَيَوَانِ ; وَلِذَا قَالَ: (" كَثِيرُ الشَّعَرِ ") : وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَعَطْفُ بَيَانٍ، ثُمَّ بَيَّنَهُ زِيَادَةَ تِبْيَانٍ ; حَيْثُ قَالَ اسْتِئْنَافًا: (" لَا يَدْرُونَ ") أَيْ: لَا يَعْرِفُ النَّاسُ الْحَاضِرُونَ (" مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ ") : بِضَمَّتَيْنِ فِيهِمَا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَيَدْرُونَ بِمَعْنَى يَعْلَمُونَ لِمَجِيءِ الِاسْتِفْهَامِ تَعْلِيقًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ بَعْدَ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ، أَيْ: مَا نِسْبَةُ قُبُلِهِ مِنْ دُبُرِهِ؟ (" مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ") أَيْ: مِنْ أَجْلِهَا وَبِسَبَبِهَا (" قَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ") ؟ خَاطَبُوهَا مُخَاطَبَةَ الْمُتَعَجِّبِ الْمُتَفَجِّعِ، (" قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ ") : قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى، قِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَجَسُّسِهَا الْأَخْبَارَ لِلدَّجَّالِ، وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا دَابَّةُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ، (" انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ") : بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ دَيْرِ النَّصَارَى، فَفِي الْمَغْرِبِ الدَّيْرُ صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْقَصْرُ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ أَوْ حَرْفُ التَّنْبِيهِ، (فَإِنَّهُ) أَيِ: الرَّجُلَ الَّذِي فِي الدَّيْرِ (" إِلَى خَبَرِكُمْ ") : مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: (" بِالْأَشْوَاقِ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ شَوْقٍ أَيْ: كَثِيرُ الشَّوْقِ وَعَظِيمُ الِاشْتِيَاقِ، وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ شَدِيدُ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْخَبَرِ، حَتَّى كَأَنَّ الْأَشْوَاقَ مُلْصَقَةٌ بِهِ أَوْ كَأَنَّهُ مُهْتَمٌّ بِهَا.
(" قَالَ ") أَيْ: تَمِيمٌ (" لَمَّا سَمَّتْ ") أَيْ: ذَكَرَتْ وَوَصَفَتْ (" لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا ") : بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: خِفْنَا (" مِنْهَا ") أَيْ: مِنَ الدَّابَّةِ (" أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ") أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، وَأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ شَيْطَانًا مُتَعَلِّقًا بِهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، (" قَالَ ") أَيْ: تَمِيمٌ (" فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا ") أَيْ: حَالَ كَوْنِنَا مُسْرِعِينَ (" حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ") ، قَالَ شَارِحٌ: دَيْرَ النَّصَارَى وَأَصْلُهُ الْوَاوُ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute