الْقُرْآنُ) أَيْ: مَنَعَهُ مِنْ خُرُوجِ النَّارِ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُخَلَّدٌ فِي دَارِ الْفُجَّارِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ قَتَادَةُ مِنْ أَجِلَّاءِ التَّابِعِينَ (أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ) أَيْ: دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى خُلُودِهِ وَهُمُ الْكُفَّارُ، وَمَعْنَى وَجَبَ أَيْ ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ، أَوْ وَجَبَ بِمُقْتَضَى إِخْبَارِهِ تَعَالَى ; فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّخَلُّفُ أَبَدًا (ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَنَسٌ، أَوْ قَتَادَةُ، تَذَكُّرًا أَوِ اسْتِشْهَادًا أَوِ اعْتِضَادًا (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) (قَالَ) أَيْ: أَنَسٌ وَهُوَ أَنْسَبُ، أَوْ قَتَادَةُ وَهُوَ أَقْرَبُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ فَاعِلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بُعْدٍ، (وَهَذَا الْمَقَامُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَوْصُوفٌ بِقَوْلِهِ: (الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَهُ) أَيِ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ (نَبِيَّكُمْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: وُعِدَ نَبِيُّكُمْ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ فَاعِلَ قَالَ غَيْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَاهِرٌ لَا إِشْكَالَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَائِلَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ وَضَعَ الْمُظْهَرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يَقُولَ: وَعَدَنِيهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ قَالَ الرَّاوِيَ، وَأَنْ يَكُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِيدِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute