للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥٧٤ - ( «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ» ". (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

ــ

٥٥٧٤ - ( «وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ» ") أَيْ: لَا يَشُوبُهُ شَكٌّ وَشِرْكٌ، وَلَا يَخْلِطُهُ نِفَاقٌ وَسُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ (أَوْ نَفْسِهِ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَقِيلَ: أَسْعَدُ هُنَا بِمَعْنَى أَصْلِ الْفِعْلِ، وَقِيلَ: بَلْ عَلَى بَابِهِ وَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَحْصُلُ لَهُ سَعَادَةُ شَفَاعَتِهِ، لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُخْلِصَ أَكْثَرُ سَعَادَةً ; فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْفَعُ فِي إِرَاحَةِ الْخَلْقِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ، وَيَشْفَعُ فِي بَعْضِ الْكُفَّارِ كَأَبِي طَالِبٍ فِي تَخْفِيفِ عَذَابِ النَّارِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْمُرَادُ هُوَ أَسْعَدُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مِنَ الْإِخْلَاصِ الْبَالِغِ غَايَتُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّأْكِيدِ ذِكْرُ الْقَلْبِ ; إِذِ الْإِخْلَاصُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ، فَفَائِدَتُهُ التَّأْكِيدُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] ، وَقَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَسْعَدُ هُنَا بِمَعْنَى السَّعِيدِ ; إِذْ لَا يَسْعَدُ بِشَفَاعَتِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، أَوِ الْمُرَادُ بِمَنْ قَالَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الرَّحْمَةَ، وَيَسْتَوْجِبُ بِهِ الْخَلَاصَ مِنَ النَّارِ ; فَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إِلَى الشَّفَاعَةِ أَكْثَرُ، وَانْتِفَاعَهُ بِهَا أَوْفَرُ.

قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ حُلُولَ شَفَاعَتِهِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ أَثْمَرَ لِإِيمَانِهِ إِمَّا مَزِيدُ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ عَمَلٌ، وَتَخْتَلِفُ مَرَاتِبُ الْيَقِينِ وَالْعَمَلِ ; فَيَكُونُ التَّفْضِيلُ بِحَسَبِ الْمَرَاتِبِ، وَلِذَلِكَ أَكَّدَ خَالِصًا بِقَوْلِهِ: مِنْ قَلْبِهِ، أَيْ: خَالِصًا كَائِنًا مِنْ قَلْبِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْإِخْلَاصَ مَعْدِنُهُ وَمَكَانُهُ الْقَلْبُ، فَذِكْرُ الْقَلْبِ هُنَا تَأْكِيدٌ وَتَقْرِيرٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] الْكَشَّافُ: فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا اقْتُصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ آثِمٌ، وَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ الْقَلْبِ، وَالْجُمْلَةُ هِيَ الْآثِمَةُ لَا الْقَلْبُ وَحْدَهُ؟ قُلْتُ: كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ هُوَ أَنْ يُضْمِرَهَا وَلَا يَتَكَلَّمَ بِهَا، فَلَمَّا كَانَ آثِمًا مُفْتَرِيًا بِالْقَلْبِ أُسْنِدَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ إِسْنَادَ الْفِعْلِ إِلَى الْجَارِحَةِ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا أَبْلَغُ، أَلَا تَرَاكَ تَقُولُ إِذَا أَرَدْتَ التَّوْكِيدِ: هَذَا مِمَّا أَبْصَرَتْهُ عَيْنِي، وَمِمَّا سَمِعَتْهُ أُذُنِي، وَمِمَّا عَرَفَهُ قَلْبِي. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) ، وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ خَالِصًا مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ: أَوْ مِنْ نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>