مِنْ رَحْمَتِكَ، وَطَمِعْتُ فِي كَرَمِكَ وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ، فَسَأَلْتُ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى رَضِيَ عَنْهُ بِهَذَا الْقَوْلِ فَضَحِكَ انْتَهَى، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ) أَيْ: يَرْضَى (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ أَجْلِهِ وَسَبَبِ دُعَائِهِ وَكَلَامِهِ (فَإِذَا ضَحِكَ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ) : أَمْرُ مُخَاطَبٍ (فَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ) : بِضَمِّ هَمْزٍ وَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ، أَيْ: مَطْلُوبُهُ وَمُتَمَنَّاهُ، (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تَمَنَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا) ، قَالَ الْمُظْهِرُ: مِنْ فِيهِ لِلْبَيَانِ، يَعْنِي: تَمَنَّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مَا تَشْتَهِي مِنْهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَنَحْوُهُ " {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: ٣١] "، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَقَوْلُهُ: (أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ) بَدَلٌ مِنَ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ، وَرَبُّهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْعَامِلَانِ انْتَهَى، وَأَقْبَلَ بِمَعْنَى شَرَعَ وَيُذَكِّرُهُ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ، أَيْ: يُلْهِمُهُ وَيُلَقِّنُهُ رَبُّهُ بِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُ فَيَتَمَنَّى، (حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ) أَيِ: انْقَطَعَتْ وَلَمْ تَبْقَ لَهُ أُمْنِيَّةٌ (قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ) أَيْ: مَسْئُولُكَ وَمَأْكُولُكَ (وَمِثْلُهُ مَعَهُ) أَيْ: تَفَضُّلًا عَلَيْكَ.
(وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ: (قَالَ اللَّهُ: لَكَ ذَلِكَ) أَيْ: مَا تَمَنَّيْتَ (وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ) أَيْ: فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْكَمِّيَّةِ، وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ التَّدَافُعُ وَيَنْدَفِعُ التَّمَانُعُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute