٥٥٩٤ - وَعَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، وَإِنَّهُمْ لَيَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٥٥٩٤ - (وَعَنْ سَمُرَةَ) أَيِ: ابْنِ جُنْدُبٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا) أَيْ: يَشْرَبُ أُمَّتُهُ مِنْ حَوْضِهِ (وَإِنَّهُمْ) أَيِ: الْأَنْبِيَاءُ (لَيَتَبَاهَوْنَ) : بِفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ: يَتَفَاخَرُونَ (أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً) أَيْ: نَاظِرِينَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أُمَّةً وَارِدَةً، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقِيلَ: أَيُّهُمُّ مَوْصُولَةٌ، صَدْرُ صِلَتِهَا مَحْذُوفٌ، أَوْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، كَمَا تَقُولُ: يَتَبَاهَى الْعُلَمَاءُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ عِلْمًا، أَيْ: قَائِلِينَ. (وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً) ، وَلَعَلَّ هَذَا الرَّجَاءَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أُمَّتَهُ ثَمَانُونَ صَفًّا، وَبَاقِي الْأُمَمِ أَرْبَعُونَ فِي الْجَنَّةِ، عَلَى مَا سَبَقَ، ثُمَّ الْحَوْضُ عَلَى حَقِيقَتِهِ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ عَلَى مَا فِي الْمُعْتَمَدِ فِي الْمُعْتَقَدِ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ ; فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، وَأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَجَازِ، وَيُرَادَ بِهِ الْعِلْمُ وَالْهُدَى، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ: ( «وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» ) فِي وَجْهٍ، وَإِلَيْهِ يُلْمِحُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) .
قُلْتُ: هَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِي الْحَوْضَ الْحِسِّيَّ الَّذِي هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرَاتِبِ الْوَارِدَةِ بِقَدْرِ أَخْذِ الْفَيْضِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْهُدَى الَّذِي حَصَلَ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنْبِيَائِهِمْ، بَلْ أَقُولُ: لَا بُدَّ فِي التَّفَاوُتِ بَيْنَ مَاءِ كُلِّ حَوْضٍ فِي الصَّفَاءِ وَالرُّوَاءِ، وَاللَّذَّةِ وَالْكَثْرَةِ، بِحَسَبِ اخْتِيَارِهِمْ مَذْهَبَهُمْ، فَهُوَ عَلَى مِنْوَالِ {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: ٦٠] . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute