٥٥٩٨ - «وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٥٥٩٨ - ( «وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» ) أَيْ: شَفَاعَتِي فِي الْعَفْوِ عَنِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ شَفَاعَتِي الَّتِي تُنَجِّي الْهَالِكِينَ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَفِي (شَرْحِ مُسْلِمٍ) لِلنَّوَوِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ: مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ جَوَازُ الشَّفَاعَةِ عَقْلًا، وَوُجُوبُهَا سَمْعًا ; لِصَرِيحِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: ١٠٩] ، وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ الَّذِي بَلَغَتْ بِمَجْمُوعِهَا التَّوَاتُرَ لِصِحَّةِ الشَّفَاعَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَجْمَعَ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَيْهَا، وَمَنَعَتِ الْخَوَارِجُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْهَا، وَتَعَلَّقُوا بِمَذَاهِبِهِمْ فِي تَخْلِيدِ الْمُذْنِبِينَ فِي النَّارِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: ٤٨] ، وَبِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨] وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْآيَتَيْنِ فِي الْكُفَّارِ، وَالْمُرَادُ بِالظُّلْمِ الشِّرْكُ، وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ بِكَوْنِهَا فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فَبَاطِلٌ، وَأَلْفَاظُ الْأَحَادِيثِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ صَرِيحَةٌ فِي بُطْلَانِ مَذْهَبِهِمْ، وَإِخْرَاجِ مَنِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ. قُلْتُ: وَمِنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ ; حَيْثُ لَا مَعْنَى لِزِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى زَعْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْخُلُودِ فِي النَّارِ، قَالَ: وَالشَّفَاعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:
(أَوَّلُهَا) : مُخْتَصَّةٌ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ الْإِرَاحَةُ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَتَعْجِيلِ الْحِسَابِ.
(الثَّانِيَةُ) : فِي إِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَهَذِهِ أَيْضًا وَرَدَتْ فِي نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(الثَّالِثَةُ) : الشَّفَاعَةُ لِقَوْمٍ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ، فَيَشْفَعُ فِيهِمْ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(الرَّابِعَةُ) : فِيمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ، فَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ نَبِيِّنَا وَالْمَلَائِكَةِ وَإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
(الْخَامِسَةُ) : الشَّفَاعَةُ فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ لِأَهْلِهَا، وَهَذِهِ لَا نُنْكِرُهَا أَيْضًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) أَيْ: عَنْ أَنَسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute