٥٦٤٥ - وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «بَابُ أُمَّتِي الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ الْجَنَّةَ عَرْضُهُ مَسِيرَةُ الرَّاكِبِ الْمُجَوِّدِ ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَيُضْغَطُونَ عَلَيْهِ، حَتَّى تَكَادُ مَنَاكِبُهُمْ تَزُولُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَقَالَ: يَخْلُدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ.
ــ
٥٦٤٥ - (وَعَنْ سَالِمٍ) ، تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ (عَنْ أَبِي) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَابُ أُمَّتِي الَّذِينَ) كَذَا فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالنُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، فَيَكُونُ صِفَةً لِلْأُمَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ الْبَابِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ إِذِ الْمَعْنَى: بَابُ أُمَّتِي الَّذِي ( «يَدْخُلُونَ مِنْهُ الْجَنَّةَ عَرْضُهُ مَسِيرَةُ الرَّاكِبِ الْمُجَوِّدِ» ) : اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ التَّجْوِيدِ وَهُوَ التَّحْسِينُ. قَالَ شَارِحٌ أَيِ الرَّاكِبُ الَّذِي يُجَوِّدُ رَكْضَ الْفَرَسِ، مِنْ جَوَّدْتُهُ أَيْ جَعَلْتُهُ جَيِّدًا، وَفِي أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ يُجَوِّدُ فِي صَنْعَتِهِ يَفُوقُ فِيهَا، وَأَجَادَ الشَّيْءَ وَجَوَّدَهُ: أَحْسَنَ فِيمَا فَعَلَ، وَجَوَّدَ فِي عَدْوِهِ، عَدَا عَدْوًا جَوَادًا، وَفَرَسٌ جَوَادٌ مِنْ خَيْلٍ جِيَادٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْمُجَوِّدُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ الرَّاكِبِ، وَالْمَعْنَى: الرَّاكِبُ الَّذِي يُجَوِّدُ رَكْضَ الْفَرَسِ، وَأَنْ يَكُونَ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَالْإِضَافَةُ لَفْظِيَّةٌ أَيِ الْفَرَسُ الَّذِي يُجَوِّدُ فِي عَدْوِهِ (ثَلَاثًا) ، ظَرْفُ مَسِيرَةٍ، وَالْمَعْنَى؛ ثَلَاثَ لَيَالٍ، أَوْ سِنِينَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمُبَالِغَةَ أَكْثَرَ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ؛ لِئَلَّا يُخَالِفَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أُعْلِمَ بِالْكَثِيرِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (ثُمَّ إِنَّهُمْ) أَيْ: أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أُمَّتِي عِنْدَ دُخُولِهِمْ مِنْ أَبْوَابِهَا، فَالْمُرَادُ بِالْبَابِ جِنْسُهُ (لَيُضْغَطُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: لَيُعْصَرُونَ وَيُضَيَّقُونَ (عَلَيْهِ) ، أَيْ عَلَى الْبَابِ (حَتَّى تَكَادَ) أَيْ: تَقْرُبُ (مَنَاكِبُهُمْ تَزُولُ) . أَيْ تَنْقَطِعُ مِنْ شِدَّةِ الزِّحَامِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ) . وَفِي الْمَصَابِيحِ: ضَعِيفٌ مُنْكَرٌ. قَالَ شَارِحٌ لَهُ أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا مَرَّ. (وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ) أَيِ: الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ) ، أَيْ أَصْلِ الْحَدِيثِ، وَالْعَالِمُ بِالْحَدِيثِ الْمُحِيطُ بِطُرُقِ الْأَحَادِيثِ إِذَا قَالَ: لَمْ أَعْرِفْهُ - دَلَّ عَلَى ضَعْفِهِ (وَقَالَ) أَيِ: الْبُخَارِيُّ (يَخْلُدُ) بِضَمِّ اللَّامِ (بْنُ أَبِي بَكْرٍ) وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ (يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ) يَعْنِي: فَيَكُونُ حَدِيثًا ضَعِيفًا وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَهُ هَذَا مُنْكَرٌ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ قَوْلُهُ: يَخْلُدُ سَهْوٌ مِنْ صَاحِبِ الْمِشْكَاةِ، وَصَوَابُهُ خَالِدٌ؛ إِذْ فِي التِّرْمِذِيِّ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَا فِي كُتُبِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute