للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٤٦ - وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا فِيهَا شِرًى وَلَا بَيْعٌ إِلَّا الصُّوَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

ــ

٥٦٤٦ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا» ) أَيْ: مُجْتَمَعًا، وَالسُّوقُ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ؛ وَلِذَا قَالَ: (مَا فِيهَا) أَيْ لَيْسَ فِي تِلْكَ السُّوقِ (شِرًى) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ أَيِ اشْتِرَاءٌ (وَلَا بَيْعٌ) : وَالْمَعْنَى لَيْسَ فِيهَا تِجَارَةٌ (إِلَّا الصُّوَرَ) : بِالنَّصْبِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، أَيِ التَّمَاثِيلَ الْمُخْتَلِفَةَ (مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا) . وَكَذَا إِذَا اشْتَهَتِ النِّسَاءُ صُورَةً دَخَلْنَ فِيهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ سَبَقَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّوقِ الْمَجْمَعُ وَهَذَا يُؤَيِّدُهُ، يَعْنِي حَيْثُ قَالَ: مَا فِيهَا شِرًى وَلَا بَيْعٌ. قَالَ: فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِأَنْ يُجْعَلَ تَبْدِيلُ الْهَيْئَاتِ مِنْ جِنْسِ الْبَيْعِ وَالشِّرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩] يَعْنِي عَلَى وَجْهٍ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ قِيلَ: يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ عَرْضَ الصُّوَرِ الْمُسْتَحْسَنَةِ عَلَيْهِ، فَإِذَا اشْتَهَى وَتَمَنَّى تِلْكَ الصُّورَةَ الْمَعْرُوضَةَ عَلَيْهِ صَوَّرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِشَكْلِ تِلْكَ الصُّورَةِ بِقُدْرَتِهِ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصُّورَةِ الزِّينَةُ الَّتِي يَتَزَيَّنُ الشَّخْصُ بِهَا فِي تِلْكَ السُّوقِ، وَيَتَلَبَّسُ بِهَا، وَيَخْتَارُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ وَالتَّاجِ. يُقَالُ: لِفُلَانٍ صُورَةٌ حَسَنَةٌ، أَيْ هَيْئَةٌ مَلِيحَةٌ، يَعْنِي فَإِذَا رَغِبَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أُعْطِيَهُ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهَا التَّزَيُّنَ بِهَا، وَعَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ التَّغَيُّرُ فِي الصِّفَةِ لَا فِي الذَّاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>