للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَفِي نُسْخَةٍ اثْنَانِ بِالتَّذْكِيرِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ ذُكِّرَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الزَّوْجَةِ مِنْ لَفْظِ الْحُورِ أَوِ الزَّوْجِ (وَتُنْصَبُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: وَيُضْرَبُ وَيُرْفَعُ لَهُ (قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ) قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُرِيدُ أَنَّ الْقُبَّةَ مَعْمُولَةٌ مِنْهَا أَوْ مُكَلَّلَةٌ بِهَا (كَمَا بَيْنَ الْجَابِيَةِ) وَهِيَ مَدِينَةٌ بِالشَّامِ (إِلَى صَنْعَاءَ) وَهِيَ بَلْدَةٌ بِالْيَمَنِ. قَالَ شَارِحٌ: هِيَ قَصَبَةٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلُ بَلْدَةٍ بُنِيَتْ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ فُسْحَةَ الْقُبَّةِ وَسِعَتَهَا طُولًا وَعَرْضًا وَبُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ - كَمَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالضِّيَاءُ، عَنْهُ.

(وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ) أَيْ: بِإِسْنَادِ الْوَاصِلِ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا قَالَ أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَبُو سَعِيدٍ مَرْفُوعًا. وَفِي الْمَصَابِيحِ، وَبِهِ قَالَ أَيْ: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ. ( «قَالَ: أَوْ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ يُرَدُّونَ» ) أَيْ: يَعُودُونَ، وَفِيهِ تَغْلِيبٌ؛ لِأَنَّهُ لَا رَدَّ فِي الصَّغِيرِ، أَوِ الْمَعْنَى يَصِيرُونَ (بَنِي ثَلَاثِينَ فِي الْجَنَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يُرَدُّونَ (لَا يَزِيدُونَ عَلَيْهَا أَبَدًا) أَيْ: زِيَادَةً مُؤَثِّرَةً فِي تَغَيُّرِ أَبْدَانِهِمْ وَأَعْضَائِهِمْ وَشُعُورِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ، وَإِلَّا فَزَمَانُهُمْ فِي الْجَنَّةِ يَتَزَايَدُ أَبَدَ الْآبِدِينَ (وَكَذَلِكَ أَهْلُ النَّارِ) أَيْ: فِي الْعُمُرِ وَعَدَمِ الزِّيَادَةِ، وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ أَزْمِنَةِ الْأَعْمَالِ لِلْأَبْرَارِ وَالْكُفَّارِ؛ لِيَكُونَ التَّنْعِيمُ وَالْعَذَابُ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِي كُلٍّ مِنْ دَارِ الْبَوَارِ وَدَارِ الْقَرَارِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ قُلْتَ: مَا التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَابِ الْبُكَاءِ: " صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ " أَيْ: دَاخِلُونَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ مَوْضِعٍ كَمَا فِي الدُّنْيَا؟ قُلْتُ: فِي الْجَنَّةِ ظَرْفٌ لَيُرَدُّونَ، وَهُوَ لَا يُشْعِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا دَعَامِيصَ قَبْلَ الرَّدِّ.

(وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: " إِنَّ عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى رُءُوسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (التِّيجَانُ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ جَمْعُ تَاجٍ (أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ لَتُضِيءُ) بِالتَّأْنِيثِ فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُضَافَ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى لَتُنَوِّرُ (مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) فَأَضَاءَ مُتَعَدٍّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَالتَّقْدِيرُ: لَيُضِيءُ بِهِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْأَمَاكِنِ لَوْ ظَهَرَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا.

(وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: " «الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ» ) أَيْ: فَرْضًا وَتَقْدِيرًا (كَانَ حَمْلُهُ) أَيْ: حَمْلُ الْوَلَدِ (وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ) أَيْ: كَمَالُ سِنِّهِ وَهُوَ الثَّلَاثُونَ سَنَةً (فِي سَاعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَا مَوْتَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا حَزَنَ (كَمَا يُشْتَهَى) : مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَنَحْوَ ذَلِكَ. (وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيِ ابْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ: رَوَى عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ. (فِي هَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ: ذُكِرَ فِي بَيَانِ هَذَا الْحَدِيثِ (إِذَا اشْتَهَى) أَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَهَى (الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ الْوَلَدَ كَانَ فِي سَاعَةٍ) أَيْ حَصَلَ الْوَلَدُ فِي سَاعَةٍ (لَكِنْ لَا يُشْتَهَى) فَقَوْلُهُ: " وَلَكِنْ " هُوَ الْمَقُولُ حَقِيقَةً (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .

(وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ الرَّابِعَةَ) أَيِ الْفِقْرَةَ الرَّابِعَةَ مِنْ فِقْرَاتِ الْحَدِيثِ (وَالدَّارِمِيُّ الْأَخِيرَةَ) وَهِيَ مَا أَوْرَدَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي تَيْسِيرِ الْوُصُولِ إِلَى جَامِعِ الْأُصُولِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَدٌ ". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ عَنِ الْخُدْرِيِّ: «إِنِ اشْتَهَى الْوَلَدَ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ» " قَالَ بَعْضُهُمْ: لَكِنْ لَا يُشْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>