للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٦٥٢ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ لَيَتَّكِئُ فِي الْجَنَّةِ سَبْعِينَ مَسْنَدًا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، ثُمَّ تَأْتِيهِ امْرَأَةٌ فَتَضْرِبُ عَلَى مَنْكِبِهِ، فَيَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، تُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيَسْأَلُهَا: مَنْ أَنْتِ؟ تَقُولُ: أَنَا مِنَ الْمَزِيدِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا، فَيَنْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنَ التِّيجَانِ أَنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٦٥٢ - (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: فِي دَارِ الْجَزَاءِ (لَيَتَّكِئُ) أَيْ: لَيَعْتَمِدُ وَيَسْتَنِدُ (فِي الْجَنَّةِ) أَيْ: فِي جَنَّتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ (سَبْعِينَ مَسْنَدًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيُضَمُّ، وَالنُّونُ مَفْتُوحَةٌ لَا غَيْرَ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ لِسَبْعِينَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: عَلَى سَبْعِينَ مَسْنَدًا أَوْ مُتَّكَئًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، كُلٌّ بِلَوْنٍ وَصِنْفٍ مِنْ أَنْوَاعِ الزِّينَةِ (قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ) أَيْ: مِنْ شِقٍّ إِلَى آخَرَ، وَهُوَ ظَرْفٌ لِيَتَّكِئُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ: " سَبْعِينَ مَسْنَدًا " هَذَا يُرِيدُ قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٤] بِأَنَّهَا مَنْضُودَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَقَوْلُهُ: " قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ " ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: " يَأْتِيهِ "، وَلَا يَخْفَى غَرَابَةُ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى، وَغَرَابَةُ الثَّانِي فِي الْمَبْنَى، (ثُمَّ تَأْتِيهِ امْرَأَةٌ فَتَضْرِبُ عَلَى مَنْكِبِهِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ مَنْكِبَيْهِ أَيْ: ضَرْبُ الْغَنْجِ وَالدَّلَالِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى مُطَالَعَةِ الْجَمَالِ (فَيَنْظُرُ) أَيْ: فَيُطَالِعُ الرَّجُلُ فَيَرَى (وَجْهَهُ) أَيْ: عَكْسَهُ (فِي خَدِّهَا) أَيْ: مِنْ كَمَالِ صَفَائِهَا وَضِيَائِهَا حَالَ كَوْنِ خَدِّهَا (أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ) أَيْ: أَنْوَرُ مِنْ جِنْسِ الْمِرْآةِ الْمَعْهُودَةِ فِي الدُّنْيَا، (وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَى) أَيْ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ (تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أَيْ: لَوْ كَانَ فِي الدُّنْيَا (فَتُسَلِّمُ) أَيِ الْمَرْأَةُ (عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ السَّلَامَ) أَيْ: عَلَيْهَا ( «وَيَسْأَلُهَا: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْمَزِيدِ» ) : يُرَادُ بِهِ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: ٣٥] وَمِنَ الْمَزِيدِ أَفْضَلُهَا مَا قَالَهُ سُبْحَانَهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦] أَيِ: الْجَنَّةُ وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ زِيَادَةً لِأَنَّ الْحُسْنَى هِيَ الْجَنَّةُ، وَهِيَ مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ جَزَاءً لِأَعْمَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالزِّيَادَةُ فَضْلٌ عَلَى فَضْلٍ. (وَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لَيَكُونُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ (سَبْعُونَ ثَوْبًا) ، أَيْ: بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَصْنَافٍ مُؤْتَلِفَةٍ (فَيَنْفُذُهَا) : بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ: يُدْرِكُ لَطَافَةَ بَدَنِ الْمَرْأَةِ (بَصَرُهُ) أَيْ: نَظَرُ الرَّجُلِ (حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ) ، أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ، وَلَمْ يَمْنَعْ بَصَرَ شَيْءٍ مِنَ الْحِجَابِ، (وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنَ التِّيجَانِ) أَيِ الْمُرَصَّعَةِ مَا يُقَالُ فِي حَقِّهَا ( «أَنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ فِيهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ) وَقِيلَ: " إِنَّ " بِالْكَسْرِ مَزِيدَةٌ، وَاللَّامُ دَاخِلٌ فِي خَبَرِ إِنَّ الْأُولَى نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [التوبة: ٦٣] انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مَزِيدَةً تَكُونُ اللَّامُ دَاخِلَةً فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرَ " إِنَّ " الْأُولَى، ثُمَّ لَا شَكَّ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الْآيَةِ غَيْرُ مَزِيدَةٍ، بَلْ لِزِيَادَةِ تَأْكِيدٍ وَمُبَالَغَةٍ فِي النِّسْبَةِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>