للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٨٣ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ» "؟ ! . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ــ

٥٦٨٣ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: اتَّقُوا اللَّهَ: أَوَّلُهَا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران: ١٠٢] (حَقَّ تُقَاتِهِ) أَيْ حَقَّ تَقْوَاهُ مِنَ الْقِيَامِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَوْلِهِ: هُوَ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَيُشْكَرُ فَلَا يُكْفَرُ، وَيُذْكَرُ فَلَا يُنْسَى، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَصَحَّحَهُ الْمُحَدِّثُونَ، فَهُوَ إِمَّا تَفْسِيرٌ لِكَمَالِ التَّقْوَى فَلَا إِشْكَالَ، أَوْ لِأَصْلِهَا فَيَكُونُ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: هُوَ أَنْ يُنَزِّهَ الطَّاعَةَ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا، وَعَنْ تَوَقُّعِ الْمَجَازَاتِ عَلَيْهَا. {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] أَيْ مُوَحِّدُونَ مُنْقَادُونَ تَائِبُونَ جَامِعُونَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، غَالِبُونَ حُسْنَ الظَّنِّ بِالْمَوْلَى جَلَّ وَعَلَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَمْرٌ بِدَوَامِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ النَّهْيَ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَوَجَّهَ إِلَى الْقَيْدِ فِي الْكَلَامِ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ) أَيْ مِنْ مَاءِ شَجَرٍ يَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. قَالَ الشَّارِحُ: الزَّقُّومُ شَجَرَةٌ خَبِيثَةٌ مُرَّةٌ كَرِيهَةُ الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ، يُكْرَهُ أَهْلُ النَّارِ عَلَى تَنَاوُلِهِ، فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْهُ (قَطَرَتْ) بِالْفَتَحَاتِ أَيْ نَقِطَتْ وَنَزَلَتْ (فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ) أَيْ لِمَرَارَتِهَا وَعُفُونَتِهَا وَحَرَارَتِهَا (عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ) بِالْيَاءِ، وَقَدْ يُهْمَزُ، جَمْعُ مَعِيشَةٍ (فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ) أَيِ الزَّقُّومُ (طَعَامَهُ) ؟ فَفِي الصِّحَاحِ: أَنَّ الزَّقُّومَ اسْمُ طَعَامٍ لَهُمْ فِيهِ تَمْرٌ وَزُبْدٌ، وَالزَّقُّومُ أَكْلُهُ، فَالْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الزَّقُّومَ فِي الْعُقْبَى بَدَلُ زَقُّومِهِمْ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: ٤٣] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>