٥٦٨٢ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يَهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لَأَنْتَنَ أَهْلُ الدُّنْيَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٦٨٢ - (وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، مَا يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ وَغِسَالَتِهِمْ، وَقِيلَ مَا يَسِيلُ مِنْ دُمُوعِهِمْ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّمْهَرِيرُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقِيلَ: هُوَ الصَّدِيدُ الْبَارِدُ الْمُنْتِنُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِهِ مِنْ بُرُودَتِهِ، كَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شُرْبِ الْحَمِيمِ لِحَرَارَتِهِ. قُلْتُ: وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} [ص: ٥٧] أَوْ كَذَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا - إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: ٢٤ - ٢٥] عَلَى النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ أَنَّ شَيْئًا قَلِيلًا مِنْهُ (يَهَرَاقُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَيُسَكَّنُ أَيْ يُصَبُّ (فِي الدُّنْيَا) أَيْ فِي أَرْضِهَا (لَأَنْتَنَ أَهْلُ الدُّنْيَا) أَيْ لَصَارُوا ذِي نَتَنٍ مِنْهُ، فَأَهْلُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْأُصُولُ الْمُعْتَمَدَةُ، وَكَأَنَّهُ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ أَنْتَنَ مُتَعَدٍّ بِزِيَادَةِ الْهَمْزَةِ، فَقَالَ شَارِحٌ: أَنْتَنَ الشَّيْءُ أَيْ تَغَيَّرَ وَصَارَ ذَا نَتَنٍ، فَنَصْبُ أَهْلٍ لَيْسَ بِصَوَابٍ، إِنَّمَا الصَّوَابُ رَفْعُهُ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِي الْقَامُوسِ: النَّتْنُ ضِدَّ الْفَوْحِ نَتُنَ كَكَرُمَ وَضَرَبَ نَتَانَةً وَأَنْتَنَ فَهُوَ مُنْتِنٌ بِكَسْرَتَيْنِ وَبِضَمَّتَيْنِ وَكَقِنْدِيلٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْكَسْرَتَيْنِ أَنَّهُ كَسَرَ الْمِيمَ تَبَعًا كَمَا فِي قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا تِبَاعًا لِمَا بَعْدَهَا، وَعَدَّ الْكَلِمَتَيْنِ كَلِمَةً لِامْتِزَاجِهِمَا وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِمَا غَالِبًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . وَكَذَا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute