٥٦٨١ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لِسُرَادِقِ النَّارِ أَرْبَعَةُ جُدُرٍ، كُثُفُ كُلِّ جِدَارٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً» ". " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٦٨١ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لِسُرَادِقِ النَّارِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّ السِّينِ وَجَرِّ الْقَافِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَتْحِ وَالرَّفْعِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رُوِيَ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَكَسْرِهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَهَذَا أَظْهَرُ. وَفِي النِّهَايَةِ: السُّرَادِقُ كُلُّ مَا أَحَاطَ بِشَيْءٍ مِنْ حَائِطٍ أَوْ مَضْرِبٍ أَوْ خِبَاءٍ. أَقُولُ: وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: ٢٩] وَفِي الْقَامُوسِ: السُّرَادِقُ الَّذِي يُمَدُّ فَوْقَ الْبَيْتِ وَجَمْعُهُ سُرَادِقَاتٌ. وَقَالَ شَارِحٌ: هُوَ الَّذِي يُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ الدَّارِ. أَقُولُ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْمَعْنَى الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْمُحِيطِ بِجَمِيعِ جِهَاتِهِمْ، وَلَعَلَّ سُرَادِقَهَا مِنْ نَارٍ غَلِيظَةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ دُخَانٍ وَغَيْرِهِ؛ وَلِذَا قَالَ: لِسُرَادِقِهَا (أَرْبَعَةُ جُدُرٍ) بِضَمَّتَيْنِ، جَمْعُ جِدَارٍ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنْ يُمَدَّ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَإِنَّهُ صَحَّ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّهُ يُطْبَقُ عَلَيْهِمْ، بَلْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، حَتَّى يَظُنَّ كُلٌّ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ فِي النَّارِ غَيْرُهُ، وَهُوَ أَصْعَبُ، فَإِنَّ الْبَلِيَّةَ إِذَا عَمَّتْ طَابَتْ، لَاسِيَّمَا إِذَا رَأَى أَنَّ عَذَابَهُ أَخَفُّ مِنْ بَعْضٍ (كُثُفُ كُلِّ جِدَارٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَرْفُوعًا فِي أَصْلِ السَّيِّدِ وَكَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْمَفَاتِيحِ وَالْخَلْخَالِيُّ: بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيِ الْغِلَظُ فَالْمَعْنَى كَثَافَةُ كُلِّ جِدَارٍ وَغِلَظُهُ: (مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) وَقَالَ شَارِحٌ: بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الْغِلَظُ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْكُثُفُ جَمْعُ كَثِيفٍ، وَهُوَ الثَّخِينُ الْغَلِيظُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْجَمْعِ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِإِضَافَتِهِ إِلَى كُلِّ جِدَارٍ، نَعَمْ فِي نُسْخَةٍ ضُبِطَ بِضَمَّتَيْنِ مَجْرُورًا عَلَى أَنَّهُ عَلَى صِفَةِ جِدَارٍ، وَ " كُلُّ جِدَارٍ " بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute