٥٦٨٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْ أَنَّ رَصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى مِثْلِ الْجُمْجُمَةِ -
أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهِيَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، لَبَلَغَتِ الْأَرْضَ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ، لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَصْلَهَا أَوْ قَعْرَهَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٦٨٨ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْيَاءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَمَّا ابْنُ الْعَاصِ فَأَكْثَرُ مَا يَجِيءُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَنَحْوِهِمَا بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ، وَالْفَصِيحُ الصَّحِيحُ " الْعَاصِي " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَكَذَلِكَ شَدَّادُ بْنُ الْهَادِي، وَابْنُ أَبِي الْمَوَالِي، بِالصَّحِيحِ الْفَصِيحِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَمَا أَشْبَهَهُ إِثْبَاتُ الْيَاءِ، وَلَا اعْتِدَادَ بِوُجُودِهِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ إِذْ أَكْثَرُهَا بِحَذْفِهَا. أَقُولُ: تَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ الْفَصِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِذْ جَاءَ إِثْبَاتُ الْيَاءِ وَحَذْفُهَا فِي الْكَلَامِ الْأَفْصَحِ كِتَابَةً وَقِرَاءَةً، نَعَمْ حَذْفُهَا رَسْمًا أَكْثَرُ مِنْ إِثْبَاتِهَا قِرَاءَةً، وَإِثْبَاتُهَا قِرَاءَةً أَشْهَرُ مِنْ حَذْفِهَا فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الْمُهْتَدِ وَالْمُتَعَالِ وَبَاقٍ وَوَاقٍ، ثُمَّ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُطَابِقِ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ الشَّرِيفِ الْمَنْسُوبِ إِلَى كِتَابَةِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ مُسْتَبْعَدًا جِدًّا خُصُوصًا مِنَ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الَّذِي هُوَ مِنْ أَتْبَاعِ الْمُحَدِّثِينَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَوَرِّعِينَ، هَذَا وَالصَّحِيحُ فِي الْعَاصِ أَنَّهُ مُعْتَلُّ الْعَيْنِ لَا مُعْتَلُّ اللَّامِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ قَوْلَهُ: الْأَعْيَاصُ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْلَادُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْأَكْبَرِ، وَهُمُ الْعَاصُ، وَأَبُو الْعَاصِ، وَالْعِيصُ، وَأَبُو الْعِيصِ، فَالْعَاصُ عَلَى هَذَا يَخْرُجُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الْيَاءِ فِيهِ بِالْمَرَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ أَنَّ رَصَاصَةً) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالصَّادَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ قِطْعَةٌ مِنَ الرَّصَاصِ، فَفِي الْقَامُوسِ: الرَّصَاصُ كَسَحَابٍ مَعْرُوفٌ، وَفِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ: رَصَاصَةٌ بِرَاءٍ وَاحِدَةٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ، وَهِيَ الْحَصَا الصِّغَارُ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ. وَفِي نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: رَضْرَاضَةً بِرَاءَيْنِ وَمُعْجَمَتَيْنِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمَدْقُوقَةُ عَلَى مَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنَ الْكُتَّابِ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِي سَائِرِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ رَضْرَاضَةٌ مَكَانَ رَصَاصَةٍ، وَهُوَ غَلَطٌ لَمْ يُوجَدْ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَعَلَّ الْغَلَطَ وَقَعَ مِنْ غَيْرِهِ. (مِثْلَ هَذِهِ) إِشَارَةٌ إِلَى مَحْسُوسَةٍ مُعَيَّنَةٍ هُنَاكَ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ: (وَأَشَارَ إِلَى مِثْلِ الْجُمْجُمَةِ) بِضَمِّ الْجِيمَيْنِ فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ لِلْمِشْكَاةِ، وَهِيَ قَدَحٌ صَغِيرٌ، وَقَالَ الْمُظْهِرُ: بِالْخَاءَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَهِيَ حَبَّةٌ صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ وَقِيلَ: هِيَ بِالْجِيمَيْنِ وَهِيَ عَظِيمُ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّمَاغِ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، انْتَهَى. وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute