للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٦٩ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً مِنَ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ وَلِيِّيَ أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي. ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٥٧٦٩ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً) بِضَمِّ الْوَاوِ جَمْعُ وَلِيٍّ (مِنَ النَّبِيِّينَ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ أَيْ: أَحِبَّاءُ وَقُرَنَاءُ هُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ (وَإِنَّ وَلِيِّيَ أَبِي) : يَعْنِي بِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (وَخَلِيلُ رَبِّي) . خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِأَنَّ (ثُمَّ قَرَأَ) أَيْ: اسْتِشْهَادًا {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} [آل عمران: ٦٨] أَيْ: فِي زَمَانِهِ وَمَا بَعْدِهِ، إِذْ كُلُّ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ هُوَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَتْبَاعِهِ فِي أَصْلِ التَّوْحِيدِ وَتَجْرِيدِ التَّوَكُّلِ وَتَفْوِيضِ التَّفْرِيدِ، {وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٦٨] أَيْ: خُصُوصًا وَعُمُومًا. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَفِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ: وَإِنَّ وَلِيِّيَ رَبِّي وَهُوَ غَلَطٌ، وَلَعَلَّ الَّذِي حَرَّفَ هَذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ} [الأعراف: ١٩٦] وَالرِّوَايَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الْمُظْهِرُ: لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ التُّورِبِشْتِيُّ لَكَانَ قِيَاسُ التَّرْكِيبِ أَنْ يَكُونَ وَلِيِّيَ أَبِي خَلِيلُ رَبِّي مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ الْمُوجِبِ لِلْمُغَايَرَةِ، وَبِإِضَافَةِ الْخَلِيلِ إِلَى رَبِّي لِيَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ لِأَبِي. أَقُولُ: لَوْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الشَّيْخِ، لَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ إِضَافَةَ الْخَلِيلِ إِلَى ضَمِيرِ رَبِّي.

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالرِّوَايَةُ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَكَذَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَيْضًا لَوْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ " خَلِيلَ رَبِّي " عَطْفُ بَيَانٍ بِلَا وَاوٍ، لَزِمَ حُمُولُ كَوْنِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَبَا النَّبِيِّ وَوَلِيَّهُ فَأَتَى بِهِ بَيَانًا، وَإِذَا جُعِلَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ لَزِمَ شُهْرَتُهُ بِهِ، وَالْعَطْفُ يَكُونُ لِإِثْبَاتِ وَصْفٍ آخَرَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سَبِيلِ الْمَدْحِ، فَعَلَى مَا عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ يَلْزَمُ مَدْحُهُ مَرَّتَيْنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَقُولُ: وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْعَطْفَ لِتَغَايُرِ الْوَصْفَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: ١] فَإِنْ قُلْتَ: لَزِمَ مِنْ قَوْلِهِ: لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةٌ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْلِيَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ. قُلْتُ: لَا لِأَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي مَكَانِ الْجَمْعِ أَفَادَتِ الِاسْتِغْرَاقَ أَيْ: أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ وَاحِدًا وَاحِدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: ٢٦] قُلْتُ: وَفِي تَنْظِيرِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إِذْ لَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ كُلِّ شَجَرَةٍ إِلَّا أَقْلَامٌ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ الْمَطْلُوبُ فِي مَقَامِ الْمُبَالِغَةِ، بِأَنْ يَكُونَ أَغْصَانُ كُلِّ شَجَرَةٍ أَقْلَامًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . وَكَذَا أَحْمَدُ، وَهُوَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِدُونِ قَوْلِهِ: ثُمَّ قَرَأَ إِلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>