الْفَصْلُ الثَّانِي
٥٧٩٠ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، مُشْرَبًا حُمْرَةً، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ــ
٥٧٩٠ - (عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ» ) ، أَيْ: بَلْ كَانَ مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ (ضَخْمَ الرَّأْسِ) أَيْ: عَظِيمَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَظَمَةِ رِيَاسَتِهِ (وَاللِّحْيَةِ) ، أَيْ: كَثِيفَهَا دُونَ الْكَوْسَجِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَسَنَ السَّبَلَةِ أَيِ: اللِّحْيَةِ (شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ) . أَيْ: أَنَّهُمَا يَمِيلَانِ إِلَى الْغِلَظِ وَالْقِصَرِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (مُشْرَبًا حُمْرَةً) ، أَيْ مَخْلُوطٌ لَوْنُهُ بِالْحُمْرَةِ، وَهُوَ عَلَى صِيغَةُ الْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا، وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهُ، فَفِي النِّهَايَةِ: الْإِشْرَابُ خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ كَأَنَّ أَحَدَ اللَّوْنَيْنِ سَقَى اللَّوْنَ الْآخَرَ، يُقَالُ: بَيَاضُ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ بِالتَّخْفِيفِ، فَإِذَا شُدِّدَ كَانَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ (ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ) ، أَيْ: عَظِيمَ الْأَعْضَاءِ، وَهُوَ جَمْعُ الْكُرْدُوسِ، وَهُوَ كُلُّ عَظْمَيْنِ الْتَقَيَا فِي مَفْصِلٍ نَحْوَ الْمَنْكِبَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ وَقِيلَ رُءُوسُ الْعِظَامِ. (طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ) ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ: الشَّعْرُ الْمُسْتَدَقُّ الَّذِي يَأْخُذُ مِنَ الصَّدْرِ إِلَى السُّرَّةِ (إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ بَعْدَهُ هَمْزٌ وَأَلِفٌ وَهُوَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ: (تَكَفِّيَا) : بِكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ تَكَفُّؤًا بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْهَمْزِ، فَلَمَّا خُفِّفَ مَاضِيهِ بِالْإِبْدَالِ أُلْحِقَ مَصْدَرُهُ بِالْمُعْتَلِّ، وَفِي نُسْخَةٍ تَكَفُّؤًا عَلَى الْأَصْلِ، وَقَالَ شَارِحٌ: تَكَفَّأَ تَكَفُّؤًا بِالْهَمْزِ، وَهُوَ الْمَيْلُ تَارَةً إِلَى الْيَمِينِ وَأُخْرَى إِلَى الشِّمَالِ فِي الْمَشْيِ وَقِيلَ: تَكَفَّأَ أَيِ: اعْتَمَدَ إِلَى الْقُدَّامِ مِنْ قَوْلِهِمْ: كَفَأْتُ الْإِنَاءَ إِذَا قَلَبْتَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ) : بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ: يَسْقُطُ (مِنْ صَبَبٍ) أَيْ: مُنْحَدَرٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَمِنْ تَعْلِيلِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى فِي الظَّرْفِيَّةِ، وَلِذَا قِيلَ أَيْ: يَسْقُطُ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ، وَالْمَعْنَى يَمْشِي مَشْيًا قَوِيًّا سَرِيعًا. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الصَّبَبُ الْحُدُورُ، وَهُوَ مَا يَنْحَدِرُ مِنَ الْأَرْضِ يُرِيدُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي مَشْيًا قَوِيًّا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا بَائِنًا لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيُقَارِبُ خُطَاهُ تَنَعُّمًا، (أَرَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ مَوْتِهِ، لِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُدْرِكْ زَمَانًا قَبْلَ وُجُودِهِ (وَلَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ فَوْتِهِ (مِثْلَهُ) : - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُبَّمَا يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ كِنَايَةً عَنْ عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُمَاثَلَةِ لَهُ مُطْلَقًا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ؟ فَهَذِهِ فَذْلَكَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى إِظْهَارِ الْعَجْزِ عَنْ غَايَةِ وَصْفِهِ وَنِهَايَةِ نَعْتِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute