وَالْمَطَايَا (وَهُوَ يُعْطِيهِمْ) : أَوْ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ (حَتَّى اضْطَرُّوهُ) أَيْ: أَلْجَئُوهُ (إِلَى سَمُرَةٍ) : بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ: شَجَرَةِ طَلْحٍ (فَخَطَفَتْ) : بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ أَخَذَتِ السُّمْرَةُ بِسُرْعَةٍ (رِدَاءَهُ) : حَيْثُ تَعَلَّقَتْ بِهِ، وَقَالَ شَارِحٌ أَيْ: سَلَبَتِ انْتَهَى. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى الْأَعْرَابِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَوَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " أَعْطُونِي رِدَائِي) ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ: أَيْ عَلَّقَ رِدَاءَهُ بِهَا فَاسْتُعِيرَ لَهَا الْخَطْفُ، (" لَوْ كَانَ لِي عَدَدَ هَذِهِ الْعِضَاهِ ") : بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْهَاءِ فِي الْآخِرِ أُمُّ غَيْلَانَ، وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرٍ يَعْظُمُ وَلَهُ شَوْكٌ وَاحِدَةٌ عِضَاهَةٌ وَعِضَةٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ الْأَصْلِيَّةِ، كَمَا حُذِفَ مِنَ الشَّفَهِ، وَعَدَدَ: نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ يَعُدُ عَدَدَهَا، أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِعَدَدِهَا أَوْ كَعَدَدِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ (" نَعَمْ ") : بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِي الْقَامُوسِ: النَّعَمُ وَقَدْ تُكْسَرُ عَيْنُهُ الْإِبِلُ وَالشَّاءُ أَوْ خَاصٌّ بِالْإِبِلِ وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ. قُلْتُ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦] حَيْثُ يُرَادُ بِهَا أَصْنَافُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (" لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ") ، أَيْ لِزُهْدِي فِي النَّعَمِ وَتَرْكِي لِلنِّعَمِ وَطَلَبِي قُرْبَ الْمُنْعِمِ (" ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا ") : ثُمَّ هُنَا بِمَعْنَى الْفَاءِ، أَوْ لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ أَيْ: بَعْدَمَا جَرَّبْتُمُونِي فِي الْعَطَاءِ، وَعَرَفْتُمْ طَبْعِي فِي الْوَعْدِ بِالْوَفَاءِ، وَاعْتِمَادِي عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، فَلَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، (" وَلَا كَذُوبًا وَلَا جَبَانًا ") ، وَقَالَ الْمَظْهَرُ أَيْ: إِذَا جَرَّبْتُمُونِي فِي الْوَقَائِعِ لَا تَجِدُونِي مُتَّصِفًا بِالْأَوْصَافِ الرَّذِيلَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْرِيفِ نَفْسِهِ بِالْأَوْصَافِ الْحَمِيدَةِ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: ثُمَّ هُنَا لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ يَعْنِي أَنَا فِي ذَلِكَ الْعَطَاءِ لَسْتُ بِمُضْطَرٍّ إِلَيْهِ، بَلْ أُعْطِيهِ مَعَ أَرْيَحِيَّةِ نَفْسٍ وَوُفُورِ نَشَاطٍ، وَلَا بِكَذُوبٍ أَدْفَعُكُمْ عَنْ نَفْسِي، ثُمَّ أَمْنَعُكُمْ عَنْهُ، وَلَا بِجَبَانٍ أَخَافُ أَحَدًا، فَهُوَ كَالتَّتْمِيمِ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute