قَالَ الطِّيبِيُّ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ نَظْمِ هَذَا الْحَدِيثِ؟ قُلْتُ: لَمَّا اشْتَكَى الرَّجُلُ الْفَاقَةَ وَالْخَوْفُ وَهُوَ الْعُسْرُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] وَهُوَ مَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ قَبْلَ فَتْحِ الْبِلَادِ. أَجَابَ عَنِ السَّائِلِ فِي ضِمْنِ بِشَارَةٍ لِعَدِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْيُسْرِ وَالْأَمْنِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْيُسْرَ وَالْغِنَى الدُّنْيَوِيَّ عُسْرٌ فِي الْآخِرَةِ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ سَلَّطَهُ عَلَى إِنْفَاقِهِ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِ الْخَيْرِ، وَنَظِيرُهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ بِكُمْ إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَرَاحَ فِي حُلَّةٍ، وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صْحَفَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ. وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ تَغَيُّرِ النَّاسِ.
(قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ) ، أَيْ: كَمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ) ، بِضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ زَادَ فِي الْمَصَابِيحِ الَّذِي فِي الْأَبْيَضِ. قَالَ شَارِحٌ لَهُ: أَرَادَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ الَّذِي كَانَ بِالْمَدَائِنِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ يَغْدُكُوشَكُ (وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ) أَيْ: مُؤَدَّى مَا قَالَ (النَّبِيُّ) : وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَخْرُجُ مِلْءَ كَفِّهِ إِلَخْ فَقَوْلُهُ: (أَبُو الْقَاسِمِ) : بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لِلنَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ: (يَخْرُجُ مِلْءَ كَفِّهِ) . بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ مَا قَالَ، وَالْمَعْنَى يَخْرُجُ الرَّجُلُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ، فَهُوَ نَقْلٌ بِالْمَعْنَى مُخْتَصَرًا أَوِ الرَّجُلُ يَخْرُجُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَصْلِ فَهُوَ نَقْلٌ بِاللَّفْظِ مُقْتَصِرًا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute