للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٥٩ - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ؛ ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: (نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . كَمَا قَالَ فِي الْأُولَى. (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ) ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: (أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ) . فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥٨٥٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ) ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ ابْنُ خَالِدٍ، وَهِيَ خَالَةُ أَنَسٍ نَسَبًا، وَهِيَ وَأُمُّهُ أُمُّ سُلَيْمٍ مِنْ خَالَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضَاعًا أَوْ نَسَبًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَغَيْرُهُ: كَانَتْ إِحْدَى خَالَاتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَتْ خَالَةً لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَجْهِ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ أُخْتِهَا أُمِّ سُلَيْمٍ مَعَ زِيَادَةِ تَحْقِيقٍ فَتَذَكَّرْ. (وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) ، أَيْ: زَوْجَتُهُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ وَمَاتَتْ غَازِيَةً مَعَ زَوْجِهَا بِأَرْضِ الرُّومِ، وَقَبْرُهَا بِقُبْرُصَ، رَوَى عَنْهَا ابْنُ أُخْتِهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَزَوْجُهَا عُبَادَةُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَقِفُ لَهَا عَلَى اسْمٍ صَحِيحٍ غَيْرَ كُنْيَتِهَا، وَكَانَ مَوْتُهَا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، (فَدَخَلَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي) . بِكَسْرِ اللَّامِ مُخَفَّفَةً أَيْ: تُفَتِّشُ (رَأْسَهُ) أَيْ: شَعْرَ رَأْسِهِ (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ) أَيِ: انْتَبَهَ بَعْدَ نَوْمٍ كَثِيرٍ (وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ) : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يَبْعَثُكَ عَلَى الضَّحِكِ (يَا رَسُولَ اللَّهِ) ؟ فَإِنَّ مِثْلَكَ لَا يَضْحَكُ بِلَا سَبَبٍ مِنْ أَمْرٍ عَجَبٍ. (قَالَ (نَاسٌ) أَيْ: جَمْعٌ (مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمْ مُجَاهِدِينَ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ: مَعَ الْكُفَّارِ (يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ) : بِفَتْحِ مُثَلَّثَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ فَجِيمٍ أَيْ وَسَطَهُ وَمُعْظَمَهُ (مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ) : الظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَهُوَ إِمَّا حَالٌ أَوْ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: يَرْكَبُونَ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَوْ رُكُوبًا مِثْلَ رُكُوبِ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: شَبَّهَ ثَبَجَ الْبَحْرِ بِظَهْرِ الْأَرْضِ، وَالسَّفِينَةَ بِالسَّرِيرِ، وَجَعَلَ الْجُلُوسَ عَلَيْهَا مُشَابِهًا لِجُلُوسِ الْمُلُوكِ عَلَى أَسِرَّتِهِمْ إِيذَانًا بِأَنَّهُمْ بَذَّالُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَرْتَكِبُونَ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ، مِنْ وُفُورِ نَشَاطِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُنَاهُمْ كَالْمُلُوكِ عَلَى أَسِرَّتِهِمْ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قِيلَ: هُوَ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَيْ: يَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ الْمُلُوكِ لِسَعَةِ حَالِهِمْ، وَاسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ. اهـ. وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْحَالَ مُقَدَّرَةٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>