للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٌ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ) أَيْ: صَبَّ مَا فِي الطَّسْتِ (فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ) ، أَيْ غَطَّى صَدْرِي وَلَأَمَ شَقَّهُ، (ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جِئْتُ) أَيْ: وَصَلْتُ (إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مُحَمَّدٌ! فَقَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ) : وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا) ، أَيْ طَلَعْنَاهَا (إِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ) : جَمْعُ سَوَادٍ كَأَزْمِنَةٍ جَمْعُ زَمَانٍ بِمَعْنَى الشَّخْصِ، لِأَنَّهُ يُرَى أَنَّهُ أَسْوَدٌ مِنْ بَعِيدٍ أَيْ: أَشْخَاصٌ مِنْ أَوْلَادِهِ (وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ إِذَا) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ. فَإِذَا (نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ) : بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَانِبَ أَيَمْنِهِ (ضَحِكَ) ، أَيْ لِمَا يَرَى مِمَّا يَدُلُّ عَلَى سُرُورِهِ وَيُمْنِهِ (وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى) أَيْ: لِمَا يُشَاهِدُ مِمَّا يُشْعِرُ بِشُرُورِهِ وَشُؤْمِهِ (فَقَالَ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ وَرَدِّهِ (مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟) قِيلَ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ مَرْحَبًا، وَرِوَايَةُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ، فَتُحْمَلُ هَذِهِ عَلَيْهَا إِذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ أَدَاةُ تَمْثِيلٍ. أَقُولُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ كَذَا فِي السُّؤَالِ إِنَّمَا هُوَ الْأَسْوِدَةُ، وَأُعِيدَ ذِكْرُ آدَمَ فِي الْجَوَابِ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ مَقْصُودَ الْخِطَابِ، فَصَحَّ كَلَامُ الرَّاوِي (قَالَ) أَيْ: جِبْرِيلُ (هَذَا آدَمُ وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَعَنْ شِمَالِهِ (نَسَمُ بَنِيهِ) ، بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ جَمْعُ نَسَمَةٍ، وَهِيَ الرُّوحُ أَوِ النَّفْسُ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّسَمِ وَهُوَ النَّفْسُ، وَمِنْهُ نَسِيمُ الصِّبَا أَيْ: أَرْوَاحُ أَوْلَادِهِ السَّابِقِينَ، أَوْ مَعَ شُمُولِ اللَّاحِقِينَ، وَذَكَرَ الْبَنِينَ لِلتَّغْلِيبِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٦] (فَأَهْلُ الْيَمِينِ) أَيِ: الْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ، (مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ جَمِيعِ الْأَسْوِدَةُ (أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فِإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَإِذَا نَظَرَ عَنْ شِمَالِهِ (بَكَى) .

قَالَ الْقَاضِي: قَدْ جَاءَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ مَحْبُوسَةٌ فِي سِجِّينٍ وَأَرْوَاحَ الْأَبْرَارِ مُنَعَّمَةٌ فِي عِلِّيِّينَ، فَكَيْفَ تَكُونُ مُجْتَمِعَةً فِي السَّمَاءِ؟ وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى آدَمَ أَوْقَاتًا، فَصَادَفَ وَقْتُ عَرْضِهَا مُرُورَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَنَّ الْجَنَّةَ كَانَتْ فِي جِهَةِ يَمِينِ آدَمَ، وَالنَّارَ فِي جِهَةِ شِمَالِهِ، وَكَانَ يُكْشَفُ لَهُ عَنْهُمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّسَمَ الْمَرْئِيَّةَ هِيَ الَّتِي لَمْ تَدْخُلِ الْأَجْسَادَ بَعْدُ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ الْأَجْسَادِ، وَمُسْتَقَرُّهَا عَنْ يَمِينِ آدَمَ وَشِمَالِهِ، وَقَدْ أُعْلِمَ بِمَا سَيَصِيرُونَ إِلَيْهِ فَقَوْلُهُ: نَسَمُ بَنِيهِ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (حَتَّى عَرَجَ بِي) : ضَبْطٌ لِلْفَاعِلِ، وَقِيلَ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ (إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ) : وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ هَكَذَا ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ (فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ) . أَيْ مِثْلَ مَقُولِ الْخَازِنِ السَّابِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>